هناك فارق كبير بين الرؤية البانورامية الشاملة للمشروعات؛ والنظرة الأحادية التي تركز على المشروع بمعزل عن محيطه؛ وبيئته الحاضنة؛ واحتياجاته اللوجستية. التخطيط الإستراتيجي يعتمد دائما استكمال متطلبات المشروع؛ الحالية والمستقبلية؛ وينظر بشكل أكبر للاحتياجات المتجددة؛ وإمكانيات التوسع؛ بالإضافة إلى التكامل الخدمي.
وفقت القيادة في قرار ضم مدينة رأس الخير؛ إلى مدينة الجبيل الصناعية تحت إشراف الهيئة الملكية. التكامل الخدمي والصناعي واللوجستي بين المدينتين الصناعيتين استدعى تحقيق هدف الضم الذي أثبت كفاءة القرار من خلال المشروعات التنموية؛ ونوعية الإشراف على المنطقة الصناعية الواعدة؛ التي ربما استنسخت مدينة الجبيل الصناعية بكل ما فيها من مناطق صناعية وسكنية وتنموية. تتعامل الهيئة بشمولية مع منطقة رأس الخير؛ ومحيطها البيئي؛ وعمقها الصناعي والخدمي في الجبيل الصناعية؛ ما جعلها أكثر كفاءة في إنجاز مشروعاتها الرئيسة؛ وتوفير البنى التحتية للمشروعات الصناعية الضخمة التي بدأت إنتاجها في المنطقة.
قصور النظرة الشمولية تسببت في معوقات كثيرة في منطقة جازان الصناعية؛ ما استدعى إسناد عمليات التطوير لشركة أرامكو السعودية التي نجحت وفق رؤيتها الشمولية في معالجة الأخطاء والمضي قدما في تنفيذ المشروع.
توقفت كثيرا عند تنفيذ مشروع الطريق المختصر بين الجبيل الصناعية ورأس الخير؛ برغم وجود طريق ابوحدرية الموازي الذي يربط المدينتين الصناعيتين بكل يسر وسهولة. وفق الرؤية الإستراتيجية؛ فمن المتوقع أن تزداد حركة المركبات والشاحنات بين المدينتين بشكل مرتفع يفوق قدرة طريق أبو حدرية على التحمل؛ خلاف ما قد يتسبب به الازدحام من مخاطر مرتفعة على سلامة مرتادي الطريق. الربط الأحادي بين المدينتين الصناعيتين قد يتسبب في مشكلات تعيق الحركة في حال انقطاع الطريق لأي سبب كان؛ ما يستدعي وجود طريق بديل يمكن إستخدامه في حال الأزمات. اختصار مسافة الطريق بين المدينتين كان من الأهداف الإستراتيجية المهمة؛ حيث قلص الطريق الجديد المسافة بـ 40 كلم تقريبا.
مجموعة من الأهداف الإستراتيجية التي حملت الهيئة الملكية على إنشاء طريق الجبيل رأس الخير الجديد؛ وهي الأهداف التي تغيب عن كثير من المشروعات الحكومية التي تركز على المشروع بمعزل عن احتياجاته الأساسية ذات العلاقة بالبيئة المحيطة؛ ما يقلل من كفاءة الإنجاز؛ وجودة التشغيل؛ ويخلق مزيد من المشكلات. إنشاء طريق بطول 86 كم، يشتمل على ثلاثة مسارات لكل اتجاه، ويضم 5 جسور رئيسية للتقاطعات ونفقين و6 جسور عابرة للخدمات، وفي مقدمه سكة القطار المزمع تنفيذه قريبا؛ إضافة إلى 25 كلم من الطرق الفرعية وفق الجودة العالية؛ يؤكد على أن التخطيط الإستراتيجي؛ الكفاءة القيادية؛ التنفيذية؛ والإدارية قادرون على التعامل مع المشروعات الحيوية بكل يسر وسهولة. طريق مدينتي رأس الخير والجبيل الصناعيتين الذي تولت إنشاءه الهيئة الملكية بالجبيل يفوق جودة وكفاءة كثير من الطرق البرية التي أنشأتها وزارة النقل التي يفترض أن تكون أكثر تخصصا فيها. معايير النجاح واحدة؛ وهذا ما تؤكده الهيئة الملكية في مشروعاتها؛ برغم اختلاف نوعياتها وتخصصاتها.شمولية الرؤية الإستراتيجية ربما تكون الأهم في العمل التنموي؛ وهو ما نراه أيضا في الطرق المستحدثة التي ربطت بين الميناء الصناعي والتجاري في الجبيل؛ والمنطقة الصناعية؛ ومنها إنشاء طريق خاص للشاحنات التي سيرتفع عددها خلال الأشهر القادمة لأسباب مرتبطة بارتفاع الواردات والصادرات ذات العلاقة بالجبيل 2 ما قد يؤدي إلى توقف الطرق الحالية لمحدودية استيعابها؛ إضافة إلى المخاطر الكبرى التي قد تحدثها الشاحنات حين إستخدامها الطرق التي تكثر عليها حركة المركبات الخاصة.نجاح الهيئة الملكية المتميز في مشروعات الطرق؛ تدفعني للمطالبة بأن يكون لها دور رئيس في خطوط السكك الحديدية التي تربط بين رأس الخير؛ الجبيل الصناعية؛ والدمام.
أجزم بأنها قادرة على وضع أفضل الخطط الإستراتيجية والمسارات الصحيحة وفق المعايير العالمية والرؤية المستقبلية. لا يمكن القبول بتنفيذ خط السكك الحديدية بمعزل عن الهيئة الملكية التي أثبتت بحسب مخرجاتها؛ أنها الذراع التنموية الأكثر كفاءة في المملكة.