دخلت الكثير من الصداقات في ثلاجات التبريد بعد أن كانت ساخنة تدفئ ساحات القلوب وتملأ مسامات المشاعر، أغلقت البيوت أمام زيارات الأصدقاء لم يعد الصديق يطرق الباب على صديقه كما كان في الماضي إلا ماندر،
حلت محلات (القهوه) العربية والمستعربة والاستراحات لتكون مقرا للمقابلات والاجتماعات، في الاستراحة رفع العتب على من يحضر ومن يغيب، فهي تستكمل مقومات سهرتها المكون (غالبا) من عشاء وتدخين الشيشة ومشاهدة المباريات ولعب البلوت (بمن حضر)! في هذا الوقت المزدحم بكل شي الكل يريد أن يخفف من التزاماته.
لهذا فمن السهل أن تجد أن العلاقات الشخصية المباشرة شابها بعض الفتور، وبعد الاستراحات ظهرت قروبات الواتس اب والتي هي الأخرى شكلت استراحات تكنولوجية تجد المسجلين فيها بالعشرات ولكن الحاضرين فقط بضعة أشخاص! ورغم أن العلاقات كانت حميمية إلا أن الواتس أب غيب السؤال عن الحال لمن يغيب من الأصدقاء وشيئا فشيئا أصبحت العلاقة الإلكترونية هي مع أسماء بلا مشاعر! أسماء تبعث ما هب ودب من الرسائل، فما في (قدر) الوتس اب يخرجه (ملاس) الصديق النشط في القروب ويبعثه، يستقبله البعض بتعليق وغالبا لا تعليق! في الاستراحات المبنية أوالتكنولوجية رفع العتب بعد أن تم تخفيض مستوى الصداقات إلى علاقات سطحية، ومن المظاهر السلبية والمؤلمة التي لاحظتها خاصة على اصدقاء الفيس بوك، إنه عندما ينشر خبر وفاة صديق فإن بعض أصدقائه يكتفي بالإشارة (لايك) تحت الخبر وبهذا يعتبر نفسه قد أدى ما عليه. ومثلها يفعل أعضاء القروب وإن كانوا من أصدقائه القدامى بنسخ ولصق رسالة عزاء وإرسالها!!
مع الاستراحات والواتس أب وغيرها تلاشت تلك الحميمية في العلاقات التي كانت تملأ الأرواح وتشبع الاحتياج الفطري لتشكيل علاقات صادقة ومتجذرة وليست سطحية. بل إن العلاقات أصبحت خفيفة قابل للطي والفصل.. فلم يعد أحد يريد أن يحتمل أحد أو يحاول أن يجد له مبررا تحت قاعدة (لعل له عذر وأنت تلوم)!! الكثيرون أصبحوا سريعو الاشتعال والانفعال! علاقات قديمة لأسباب بسيطة تم قطعها حبال وصالها!
الكثيرون فقدوا أصدقاءهم وانقطعت العلاقة تماما لأسباب كان يمكن التفاهم حولها، والكثيرون أيضا تحولت علاقة الصداقة إلى درجة أخف بمعنى أصحبت فقط لقاءات ورسائل قص ولصق على شاشة الواتس أب!!