سيل جارف من الرسائل المليئة بالإحباط والتذمر تداولها المعلمون والمعلمات (صناع المستقبل) وهم يودعون الإجازة ويستقبلون موسم العودة للعمل، فكان الاستقبال طوفانا من المناحات التي ملؤوا فيها وسائل التواصل الاجتماعي! لا يمكن فهم (النفسية) التي تتلبس بعضا منهم، وهم يذهبون الى المصانع التي يتشكل فيها جيل هو عماد مستقبل هذا الوطن، وهم على هذا الحال! كيف سيربي الجيل القادم من الابناء جيلا من المعلمين والمعلمات يستقبلون اليوم الاول للعمل بمهرجان استمر لأكثر من اسبوع تم فيه تبادل رسائل العزاء في إجازة فقدوها، وكأن الإجازة هي الاصل والعمل هو الاستثناء! وتلك الرسائل وإن كان في ظاهر بعضها الدعابة إلا أن باطنه لايخفي حقيقة المشاعر السلبية المتنامية تجاه قيمة العمل، والإشكالية عندما يتنامى ذلك عند المعلمين والمعلمات!! ومن السهولة معرفة ان الاشخاص الذين أنتجوها وتداولوها منزعجون من عملهم التربوي ولايجدون فيه مايجذبهم ويريحهم، لنجد ان الصورة عبارة عن ذلك (المكروه) القادم في مقابل وداع حار لإجازة تودع كما يودع المحبوب المفارق!
هنا لابد أن نتوقف لنعرف أننا أمام ضعف يتنامى في (دافعية) منسوبي التعليم! ولعل من المناسب ان يتنبه المسؤلون في وزارة التربية والتعليم لهذا الامرفإذا كان هذا هو حال من تعتمد عليهم الوزارة في تربية الطلاب والطالبات ونقل المعارف والقيم اليهم ومن ضمنها قيمة العمل، فمن السهولة معرفة نوعية مخرجات التعليم لأن المعلم هوحجر الزاوية في العملية التربوية. والمعلم الذي يعاني من الإحباط ولايحب عمله ويعبر عن ذلك برسائل قبيل حلول (الدوام) ! معلم يعاني من شيء ما ولعل من المناسب معرفة لماذا هو يعاني، فتلك الرسائل هي صوته للمجتمع ومن المفترض دراستها ومعرفة اسبابها!
ولعلي أتساءل هنا هل المعلمون والمعلمات المتذمرون سيناقضون أنفسهم ويفعلون عكس رسائلهم فيعلمون طلابهم ان العمل عبادة يجب الإخلاص فيها!! وأن الإنسان يؤجر على عمله وأن كل خطوة يخطوها للعمل يؤجر عليها أم سيبثون في انفس الطلاب مايتعاطونه عبر رسائل التواصل الاجتماعي، وهنا سوف يسري الوهن في جسد المجتمع! إن وزارة التربية مدعوة للتنبه ورصد هذه الرسائل لمعرفة لماذا شريحة من معلميها ومعلماتها يذهبون الى العمل بلا رغبة حقيقية، وعلى الوزارة أن تدرس هل المشكلة في أنظمتها وقوانينها والبيئة المدرسية أم هي حالة عامة من الصعب مواجهتها !! وهي حالة تذمرية متفشية، لهذا لاتتعجب أن ترى موظفا يطالب بحقوقه وربما ماليس حق له ولكنه لايبالي أن يقصر في واجباته الوظيفية!! الجواب المنتظر ليس عند المعلمين والمعلمين فهم قالواكلمتهم وإن لم تكن هي المتوقعة منهم! لذلك فالكلمة الآن لوزارة التربية والتعليم فلتتفضل مشكورة.