بين الإنترنت، والأمن، والفكر علاقة معقدة، وشائكة، ومعاصرة؛ تحتاج من المفكرين، والباحثين إلى نظرة إستراتيجية؛ لأنها ستكون - من الآن فصاعداً - من المؤثرات في الأمن الفكري في عالمَيْنا - العربي والإسلامي -، هكذا حذَّر مختصون، وأكاديميون في الأمن الفكري، والثقافي من بعض المواقع الإلكترونية، في المؤتمر الدولي الذي نظمته جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية - قبل أيام -، بأن شبكة الإنترنت كسرت حواجز المكان، والزمان، واستُخدمت لتجنيد الشباب في التطرف، والإرهاب، والتجسس، والدعارة، والمخدرات، - وكذلك - تجنيد الشباب لدى المنظمات الماسونية، وإقناعهم بالإلحاد.
في تعليقي على آخر السطر، لا أعتقد أن الإلحاد في العالمين - العربي والإسلامي -، أصبحا ظاهرة - حتى هذه اللحظة -، فهي وإن وجدت، تعتبر حالات فردية استثنائية، وليست حالة ثقافية عامة. وإذا سلمنا بهذه المقدمة، فلعل من أهم أسباب انتشار هذه الآفة، هو الانفتاح المعلوماتي الهائل، وتدفقها عبر شبكات التواصل الاجتماعي غير المراقب، - إضافة - إلى ضعف الرقابة الذاتية لدى المتلقي.
هذا المصطلح لا يمكن وصف أحد به، إلا على من ألحد بالله صراحة، أو شكك في دين الله - عز وجل -، ونال من ذاته المقدسة، ورسالاته السماوية، وأساء الأدب في الحديث عن جلال الله، ومقامات الأنبياء، وتطاول على مكانة خاتمهم، عندها - فقط - يمكننا التعامل معه في المقام الأول، باعتباره ضحية من ناحية نفسية، ثم من ناحية فكرية.
وحتى نتوصل إلى حلول عملية، مبنية على نتائج علمية حول هذه الآفة، فلا بد أن يكون الخطاب الديني، والذي من صوره : مناهج التلقين للعلوم الإسلامية، مواكبا للتجديد الذي نعيشه، ومتوافقا مع متغيرات العصر، وما يطرأ عليه من تفاصيل علمية، وفلسفية، وفكرية.
إن تصور مقترحات لآليات تحد من بوادر الإلحاد، يستدعي الدعوة إلى إقامة الندوات العلمية؛ لبناء العقيدة في نفوس الحائرين، وفتح قنوات الحوار حول أسئلة الشك، وقراءة أفكارهم؛ لاحتوائهم، واحتضانهم؛ ولتكون نواة إيجابية في التعامل مع أسئلة الشبهات العقدية، والطارئة. وفي المقابل، فإن العمل على إنشاء مراكز متخصصة، تعنى برصد مثل هذه الأفكار في شبكات التواصل الاجتماعي، أصبح مطلبا مهما؛ لتعميق النقاش في مختلف القضايا العقدية، والفكرية، شريطة أن يكون الحوار مع الملحدين غير معلن، وهذا ما أعلن عنه رئيس الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة، والأديان، والفرق، والمذاهب بالجامعة الإسلامية - الدكتور - سعود الخلف - قبل أيام -، عن إنشاء مركز « يقين « - قريبا -، والذي جاء باقتراح، ودعم من - الأمير الدكتور - سعود بن سلمان بن محمد آل سعود، رئيس الشرف، ونائب رئيس مجلس إدارة الجمعية؛ من أجل معالجة النزعة الإلحادية، واللادينية، ورصد أسبابها.