دائماً ما تكشف لي (طاولات) البوفيه المفتوح، حقائق (القناعة) الغائبة عن بعض أصحاب (المكانة الاجتماعية) الذين يُشار إليهم بالبنان، وكأنها تختصر حالنا في هذه الدنيا؟!
فمثلاً تستغرب أن رجلاً (ثروته) تغطي (عين الشمس) - اللهم لا حسد - يحرص على التهام الطعام بطريقة غريبة، وكأنه (هالك من الجوع)، فهو يجمع (عباس بدباس)، بينما الجلوس على بقية (الكراسي)، يتابعونه بصمت، وهم يأكلون الخبز (بالحمص البارد)، صدق (الفقري فقري)!
في إحدى المناسبات، جلست بجوار (رجل مُسن)، يحمل في يده (عصا)، وحقيقة كنت أفكر كيف يمكن أن أساعده في إحضار الطعام من البوفيه، وخصوصاً أن معظم من يجلس على الطاولة أصغر منه (سناً)!
البداية كانت (مُشجعة)، فقد قُدّم (صحن الشوربة)، ارتشف الرجل (ملاعق معدودة)، ثم توقف فجأة، نظر إلي وقال (كوليسترول يا ولدي)!
قُدّم له (عصير برتقال)، فأخذ منه (جُغمة) وهي (الرشفة الطويلة)، ثم نظر إلي ثانية وقال (السُكري يا ولدي)!
(رثيت لحاله) وكنت أفكر هل في البوفيه (أكل دايت)؟ بصراحة انشغلت بجمع (الاستكوزا)، والربيان المشوي، والسلمون، وعدت للطاولة، فنظر إلى (صحني)، وذهب يتهادى إلى البوفيه، وعاد بمثل ما عُدت به، وقال لي فين لقيت (الإستاكوزا)؟ ما لحقت عليها يا ولدي، طبعاً هنا توقفت عن الأكل!
عدت مُجدداً للبوفيه، فوجدتها، أشرت له، لينتفض من كرسيه وكأنه (طير هدد) فلاح.. فلاح، متناسياً العصا، ومنقضاً على (الربيان والبحريات) المشوية، وأصبح يأكل وهو يمشي ويقول ما شاء الله (طيبة)!
أعاد (الكرَّة)، وأتبعها بصحن (أم علي)، و(مشروب غازي) مُتناسياً السُّكري، قلت من باب (المُجاملة) وقبل أن أكمل صحني، أجيب لك شيء من (البوفيه يا عم)؟!
فقال وقد عاد مُمسكاً (بعصاه) من جديد: لا لا كلوا أنتم ما شاء الله عليكم صغار و(المشوار قدامكم طويل) بالعافية، بس لو لقيت (استاكوزا) جيب (وحدة) على طريقك يا ولدي!
ذهبت وأنا أغني على طريقة نزار (يا ولدي لا تَحزَن، فالجُوعُ هو المكتوب، قد مات شهيداً يا ولدي، من مات بسبب الكوليسترول)!
وعلى دروب الخير نلتقي.