رغم الانخفاضات الكبيرة التي ضربت أسواق البترول العالمية وخفضت أسعاره، إلا أن موازنة الدولة في المملكة العربية السعودية، جاءت متواكبة مع توجه الدولة في السير قدماً في تنفيذ مخططات التنمية، ولهذا فقد قدمت القيادة موازنة إنفاق عالية على قطاعات الخدمات التنموية التي يحتاجها المواطن والوطن، ولهذا جاء رفع الاعتمادات المالية لقطاعي التعليم والصحة، فقد رصد لقطاع التعليم 25 بالمائة في الميزانية وهو استمرار وثبات على النهج الذي سارت عليه الدولة في تطوير التعليم العام والتعليم العالي في المملكة، كما حافظت الموازنة على سياسة ونهج وتطوير قطاع الصحة.
وجاءت النسبة المخصصة لهذا القطاع في موازنة الدولة بنسبة 17 بالمئة وهو ما يعادل 160 ملياراً، كما تتواصل خطط وبرامج تطوير الطرق والنقل في المملكة حيث حصل هذا القطاع على ما نسبته 7 بالمئة، وهو ما يعكس الاهتمام بإطلاق مشاريع النقل العام في المدن الكبرى الرياض، وجدة والدمام والرياض، ومكة المكرمة، واستكمال مشاريع قطارات الحرمين الشريفين وقطار المشاعر المقدسة.
أرقام الموازنة تؤكد الأحاديث التي تواردت من خبراء الاقتصاد والمال في المملكة والمنطقة، بأنها ميزانية توسعية، وأن واضعي الميزانية كانوا حذرين ومتحفظين رغم عدم تقييد أبواب الإنفاق مع التأكيد والعمل بجدية على الالتزام بكفاءة الإنفاق وضبطه والتركيز على جودة التنفيذ، ولهذا فإنه ومع الاستمرار في مواصلة الإنفاق على مشاريع التنمية وبالذات قطاعات التعليم والصحة والنقل، إلا أن التوجه العام وتعليمات القيادة بأن يكون عنوان المرحلة القادمة هو ترشيد الإنفاق من خلال التركيز على تنفيذ المشاريع المعتمدة بالجودة والسرعة المطلوبة دون التخلي عن المستوى العالي للتنفيذ، ولهذا فإن المهتمين بالاقتصاد والمال وحتى الشأن العام يرون جانباً إيجابياً مهماً في هذه الموازنة وهو التأكيد على الحرص وعلى التركيز في أداء الأعمال التنفيذية وعدم التراخي مما كان سائداً في بعض المشاريع في الميزانيات السابقة مما أدى إلى تأخير تنفيذ نسبة كبيرة في المشاريع ، وقد حث هؤلاء المختصون على تجويد الخدمات المقدمة للمواطنين وخاصة في قطاعات الصحة والتعليم والنقل، وذلك برفع الخدمة في المستشفيات الحكومية ورفع الدرجة الاستيعابية وزيادة الأسر فيها، ومع مراقبة المستشفيات الخاصة وتخفيف تكلفتها وأسعارها التي لا يتحملها العديد من المواطنين، ومراقبة تنفيذ برامج تطوير التعليم بشقيه العام والعالي، والمراقبة الدقيقة لمشاريع النقل بحيث يأتي تنفيذها مطابقاً لما يتم في الدول الأوروبية التي تصرف نصف ما نصرفه على هذه المشاريع، ومع هذا نجد ما ينفذ لدينا أقل كفاءة.