توالت مبادرات خادم الحرمين الشريفين الهادفة إلى إعادة اللحمة العربية وتنقية الأجواء السياسية بين أكثر من بلد عربي. ولأن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لا يريد أن تبقى الأقوال والنوايا الطيبة دون تفعيل، تحرك بفعالية نحو البلدين العربيين الشقيقين مصر وقطر، وتمثلت مبادرة خادم الحرمين الشريفين في اصطحاب الأستاذ خالد بن عبد العزيز التويجري رئيس الديوان الملكي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني المبعوث الخاص للشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، لمقابلة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتفعيل مبادرة المليك لتوطيد العلاقات بين القاهرة والدوحة.
ويرى المراقبون في التحرك السعودي واستقبال الرئيس المصري لمبعوثي خادم الحرمين الشريفين وأمير دولة قطر سيتبعه تحرك نشط في الأيام القليلة القادمة، منها عقد قمة ثلاثية في الرياض تجمع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، وهذه القمة المرتقبة ستنهي تماماً الخلافات التي تفجرت بين قطر ومصر في أعقاب ثورة 30 يونيو، ويعيد العلاقة الطيبة والتقليدية بين البلدين، مما يعني إسهاماً قطرياً في رفع المعاناة عن الاقتصاد المصري الذي يعاني كثيراً، وعودة الاستثمارات والمساعدات القطرية لمصر. كما ستقضي قمة الرياض المرتقبة على المشاحنات والحملات الإعلامية التي سيطرت على تناول الوسائل الإعلامية في كلتا البلدين، وإذ يلاحظ عدم سقوط الإعلام القطري في مستنقع (الردح الإعلامي) الذي انجرفت إليه بعض المحطات الفضائية المصرية (الخاصة) والتي شكلت مع محطة الجزيرة القطرية نشازاً إعلامياً وانحداراً مهنياً غير مقبول، خصوصاً أن بعض الأعمال الإعلامية تناولت قضايا شخصية أثارت الاستياء لدى المتلقي العربي، وأسقطت الوسائل الإعلامية التي سقطت مهنياً في إثارتها وتناولها لسفاسف المواضيع، ويشهد لوسائل الإعلام القطرية باستثناء الجزيرة القطرية بُعدها عن خوض هذا التراشق الإعلامي والسقوط في مستنقع غياب المهنية، إذ لم تجارِ الصحف القطرية (العرب والشرق والراية والوطن) إضافة إلى محطة قطر الفضائية ما قامت به بعض المحطات الفضائية، تاركة لمحطة الجزيرة الفضائية والجزيرة مباشر القيام بالمهمة القذرة.
الآن يدخل البلدان مصر وقطر مرحلة جديدة تتطلب دعماً وتحركاً واعياً في وسائل الإعلام، علها تكفر عما ارتكبته في المرحلة السابقة، وعليها أن تضاعف جهدها لإعادة الوئام إلى شعبين هما في الحقيقة شعب واحد.