فاصلة:
«يسألني الناس ماذا فعلت لابنتي ملالا لتصبح جريئة وشجاعة؟ اسألوني ما لم أفعل.. أنا لم أقص أجنحتها».
(ضياء الدين يوسفزاي)
ربما من حق ابنتي الصغيرة أن تسألني وهي ترى صورة الفتاة ملالا ما معنى تقصيص الأجنحة؟
فجيل اليوم لم يعد يستقي المعلومة من أبويه أو المدرسة؛ صار العالم من حوله يمده دون أن يسأل بكل المعلومات.
كان من المؤلم أن أصارح صغيرتي بأن النساء في بلدي بدون أجنحة؛ لأن جيلاً بأكمله فيما يسمى بالصحة تم تقصيص أجنحته، وكان نصيب النساء أن يكنَّ دون أجنحة.
أعرف أن مقالتي مؤلمة؛ لأنني أكتبها وأنا أستحضر معاناة النساء في مناحي الحياة حين يتحكم ولي الأمر، سواء كان لديه ضمير حي أو ميت، بمستقبلها منذ الولادة؛ إذ يمكنه ألا يستخرج لها وثيقة ميلاد، ويمكنه ألا يستخرج لها جواز سفر، بل يمنعها من التعليم والعمل والسفر.
كل ذلك يفعله الرجل في بلدي دون أن يكلف نفسه العناء؛ فالقوانين القديمة التي لم تحدَّث منذ سنوات تمنحه هذا الحق.
وحين تكبر الفتاة، وتريد أن تطالب بحقها، تكتشف أنها بدون أجنحة؛ فالمحاكم طريقها طويل، وبإمكان القبيلة أن تمنعها من الذهاب إلى المحكمة دون مبرر.
وإن ذهبت إلى المحكمة فليس هناك قانون للأحوال الشخصية يدعم حقوقها، إنما شكواها رهينة بضمير القاضي.
النساء غير الواعيات المنطلقات من دائرة الأنا سيرفضن مقالتي، وسيتحدثن عن حقوق باتت موجودة؛ لأنهن لم يجربن بعد معنى أن تُحرم أُمٌّ من أطفالها أو ميراثها أو حقها في الزواج أو التعليم أو العمل.. وحقوق أخرى مغيبة، وليس لديهن الوعي للتفكير أبعد من دائرة حياتهن.
حين نكتب للناس لا ننطلق من الأنا، ولا حتى من الوعي الجمعي، بل من صوت الضمير بأن للإنسان حقوقاً منحها الله له، لا يجوز للمجتمعات تغييبها، وإلا هلكت بانتشار الظلم فيها.
وأنا أحب بلدي، وأربأ بها إلا أن تكون أعدل البلاد في تكريم المرأة، وأعرف أن قائدها سيد الإنسانية والعدل.
غير أن المجتمعات تقوم على أداء المؤسسات فيها، وضمير الأفراد في تفعيل دورها.
هذا الضمير الذي عليه أن يدرك أن تهميش النساء أو ظلمهن لا يمكن إلا أن يؤدي إلى تعطيل فئة لا يمكن إغفال دورها في مجتمع يسعى إلى تمكينها وفق إرادة سياسية، بينما لا يزال بعض أفراده ينتهجون شريعة الغاب في التعامل مع المرأة تحت غطاء الدين الذي صنعوه وفقاً لأعراف بالية.
يا صغيرتي، تفاءلي؛ ربما حمل لك الغد ذات الأجنحة التي ذهبت ذات جيل مع الريح.