اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت | أحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 |
8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 |
15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 |
22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 |
29 | 30 | 31 | 1 | 2 | 3 | 4 |
5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 |
قامت أوبك في الستينيات كوسيلة لثورة الدول النفطية على استغلال الشركات الغربية.. وحماس إخوة الرفاق في النفط آنذاك مع ضعف عوائد النفط، في اعتقادي، كانا السبب في نجاح أوبك المؤقت في مقدرتها على التعاون من أجل تحقيق مصالح أعضائها.. وبمجرد أن اصطدم هذا التعاون بظهور البترول كثروة عظمى عام 1973م، عاد سلوك أوبك خاضعاً لسنّة الله الكونية السوق، معلناً انهيار التعاون بين أعضاء أوبك، وأصبحت أوبك تمثِّل السلوك الطبيعي للمحتكرين القلة، الذين يتفقون في العلن وينقضون الاتفاق في السر طمعاً في تحقيق أعظم الأرباح.. وبخلاف آراء الاقتصاديين - المتخصصين في سلوكيات المحتكرين القلة - التي احتارت في سلوكيات أوبك، فإني أعتقد أن نجاح أوبك بعض الأحايين في تحقيق السعر المستهدف لم يكن إلا بسبب ديناميكية اللعبة في السوق البترولية.. فالسوق لم يكن فيه في الواقع إلا لاعبان رئيسان.. السعودية لوحدها وباقي الدول النفطية في أوبك كلاعب ثانٍ.. وقد وجدت السعودية نفسها تحقق الأرباح ذاتها سواء التزم باقي الأعضاء بالحصص أم لم يلتزموا.. ولهذا التزمت السعودية بالحصص لأنها لن تحقق أرباحاً أفضل إذا ما عاقبت الآخرين الذين لم يلتزموا قط أمام إغراءات تحقيق أرباح أكبر.
فهكذا كان وضع أوبك الداخلي.. وهذا يشرح في نظري بعض النجاحات في تخفيض الإنتاج، ليس على مستوى أوبك فقط، بل حتى عندما شارك بعض الدول النفطية من خارج أوبك في تخفيض الإنتاج في بعض الفترات.
وقد انتهت أوبك منذ زمن في الحقيقة.. فتصاعد إنتاج هذه الدول النفطية من خارج أوبك مع حقيقة وضع أوبك الداخلي، في اعتقادي، ألغى أوبك وحصر اللعبة السوقية بين السعودية وبقية الدول النفطية.
واليوم لم يعد سوق الطاقة حكراً على البترول.. وهذا كذلك، في اعتقادي، غير اللاعبين في السوق.. فاليوم تواجه السعودية كلاعب رئيس أول، والدول المنتجة للطاقة كلاعب رئيس ثانٍ.
ومن يعتقد أنه يمكن خرق سنن الله الكونية في خلقه فقد أخطأ عقلاً وواقعاً مثبتاً.. فمن سنن الله أن الحاجة أم الاختراع، والأرباح حافز التنافس.. فارتفاع أسعار البترول - 1982/1973 - دفع عمليات التنقيب والاكتشاف في كثير من الدول خلال ذلك العقد حتى تزايد الإنتاج وانهارت الأسعار.. وانهيار الأسعار بعدها لعقدين أوقف عمليات التوسع في النفط إلى أن جاءت طفرة الأسعار النفطية في العقد المنصرم والذي دفعت أرباحه مع وصول التكنولوجيا البترولية إلى حد شبه الكمال، إلى ظهور بدايات لبدائل النفط تحفزها الأسعار - أي الأرباح - لا الحاجة.. فمتى قُضي على الحافز المادي الربحي خمدت بدايات بدائل النفط حتى حين ظهور الحاجة. والاضطرابات السياسية والحروب في البلاد النفطية هي هاجس ظهور الحاجة لبدائل النفط.. فالسياسة البترولية السعودية تستهدف إخماد حافز الجدوى الاقتصادية، ولا يد لها ولا قدرة في إخماد الحاجة للاستثمار لاختراع بدائل النفط.
وقد صرح الوزير النعيمي صراحة - نقلاً عن رويترز - أن أوبك يجب أن تكافح طفرة النفط الصخري الأمريكي.. (وماذا يريد الشارع السعودي تصريحاً أخطر وأوضح من هذا التصريح).
فاللعبة في سوق الطاقة اليوم بين السعودية وبين النفط الصخري الأمريكي.. وأعتقد أن السياسة النفطية السعودية اليوم قد تخلت عن دور القائد الخفي، وأظهرت دور القائد المُتوج في العلن.. فالسعودية اليوم بما لديها من فوائض نقدية، وسعة إنتاجية بترولية، جعلت من دور نفطها العالمي كدور الدولار العالمي.. كما اختارت سياسة نفطية كسياسة الفيدرالي الأمريكي مع الدولار.
فكما تخلى الفيدرالي عام 1979 عن هدف تحديد فترة معينة لسعر الفائدة على الدولار، وأطلق السياسة النقدية على ما يقتضيه الاقتصاد الأمريكي، فقد تخلت السعودية عن إعلان هدف سقف الإنتاج، وتركته معوّماً، تعدّله وفق معطيات السوق المتغيرة على ما تقتضيه مصلحة السعودية البترولية في تحقيق هدف إخماد طفرة النفط الصخري الأمريكي.. فإن كانت السعودية ستزيد الإنتاج 100 ألف برميل يومياً، فهو لاختبار ردة فعل السوق، وغداً قد تزيدها وقد تنقصها لتحقيق الهدف.. وهذا الذي أفهمه من معنى تصريح الوزير النعيمي بعد اجتماع أوبك الأخير، بأن الإنتاج يتبع السوق.
وقد اقتصر دور أوبك في السابق في كثير من الأحايين، على دور من يعطي إشارات ضعيفة للسوق المالية والنفطية. واليوم أصبحت تصريحات النعيمي بحق هي إشارات قوية لسوق المال وسوق الطاقة.. وأصبح دوره اليوم عالمياً كدور رئيس الفيدرالي الأمريكي أو أعظم.
ولهذا أعتقد أن الوزير يدرك ما يفعله جيداً، ويدرك خطورة تصريحاته وثقلها وأثرها، ويدرك مدى الأضرار التي يمكن أن تحدث لو انهارت أسعار النفط واستطاع النفط الصخري بالظهور مع ذلك.. ولكني أعتقد أن ليس أمامه خيار آخر.. فكما بيّنت سابقاً في وضع السعودية مع أوبك، فتخفيض الإنتاج سيكون على حساب السعودية فقط وتحفيزاً مؤكداً لصناعة النفط فهي خسارة سريعة مضمونة.. فالخيار الوحيد الذي أمامه هو ما سبق، ولكن النتائج تعتمد على أمور ثلاثة.
الأول: مدى دقة المعلومات عن كلفة النفط الصخري وكمياته ومستوى التطور التكنولوجي المحتمل بشأنه في الأمد القصير، (وهذا سأتحدث عنه في المقال القادم).
الثاني: عدم ظهور الحاجة للمضي قُدماً في أبحاث تطوير صناعة النفط الصخري، فكثير من دعوات تطوير النفط الصخري الأمريكي هي دعوات قومية وسياسية وعنصرية تحتج بالقلاقل السياسية والإرهاب الذي تسببه دول النفط.
والثالث: دعم الشارع السعودي للسياسية النفطية السعودية وأن لا يتحدث أحدٌ بما لا يعرف.. ولا نجعلها وسيلة للمصالح الشخصية.. فمِنْ أعجب ما رأيت تحميل السياسة النفطية السعودية مشاكل النفط الاجتماعية والإدارية والسوقية والاستثمارية.. فما يحدث من آثار سلبية للثروة النفطية، وما يوجد من أخطاء إدارية واستثمارية فهي ليست بسبب وزارة النفط.. فمهمة وزارة النفط المحافظة على هذه الثروة واستمرار تدفقها قدر المستطاع، وأما كيفية التعامل مع الثروة فليس لها يد فيه.. فلنستشعر المسئولية الوطنية ولندرك الحرب الاقتصادية المقبلة على سوق الطاقة التي ستخوضها وزارة البترول.. فلنعين بالرأي إن استطعنا ولنعين بتهدئة السوق المالية المحلية وترك استغلال هذه المواقف كمساندة وطنية داخلية، فإن لم نستطع فليس أقل من حبس ألسنتنا عن الطعن في التتويج العلني لقيادة السعودية العالمية لسوق الطاقة، والتلاعب في مصير الوطن الاقتصادي المعلّق بنجاح السياسة النفطية الحالية.
اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت | أحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 |
8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 |
15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 |
22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 |
29 | 30 | 31 | 1 | 2 | 3 | 4 |
5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 |