بيشاور - أ ف ب:
دخلت باكستان أمس الأربعاء في حداد لثلاثة أيام على ضحايا الهجوم الذي شنته طالبان على مدرسة وأسفر عن مقتل 132 تلميذاً وتسعة من الموظفين واعتبر الأكثر دموية في البلاد فيما أثار موجة إدانات واسعة في العالم. وأثر الهجوم الذي وقع الثلاثاء في بيشاور شمال غرب البلاد أغلقت معظم المدارس في مختلف أنحاء البلاد فيما أقيمت صلوات خاصة في ذكرى الضحايا ال141 في المدارس التي فتحت أبوابها. وقامت مجموعة من مسلحي طالبان بالدخول من صف إلى آخر وقتل التلاميذ في هجوم استمر ثماني ساعات وأثار إدانات عالمية. وفي إقليم خيبر باختونخوا (عاصمته بيشاور) أغلقت المدارس والإدارات والأسواق. وعلى الجانب الآخر من الحدود في الهند وضع رئيس الوزراء ناريندرا مودي العداوة القديمة مع باكستان جانباً وطلب من المدارس الالتزام بدقيقتي صمت في ذكرى الضحايا. وبدأت مراسم تشييع الضحايا الذين سحبت جثثهم من المدرسة وهم لا يزالون باللباس المدرسي الأخضر الملطخ بالدماء، في وقت متأخر الثلاثاء فيما ستتواصل اليوم الأربعاء. وشاهد مراسل وكالة فرانس برس جنوداً متمركزين على سطوح المدرسة الأربعاء فيما تدخل إليها آليات عسكرية. وقال شهود إن المهاجمين الستة قدموا بسيارة بيضاء وأحرقوها قبل البدء بإطلاق النار لإبعاد المتطفلين وقفزوا فوق جدار لدخول المدرسة. وأفاد أحد الشهود وكالة فرانس برس إن «أحدهم سكب النفط على السيارة ثم أضرم النار بها. ثم فتحوا النار في الشوارع وقد هربت مع شخص آخر لإنقاذ حياتنا». وسيترأس رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف الذي وصف الهجوم بأنه «مأساة وطنية ارتكبها وحوش» اجتماعاً لأطراف سياسية في بيشاور لبحث الرد على هذه المأساة. وأكدت الحكومة والجيش تصميمهما على هزم المجموعة التي قتلت آلاف الأشخاص منذ بدء التمرد في 2007. وأعلن رئيس الوزراء الأربعاء إنهاء تعليق عقوبة الإعدام في حالات الإرهاب.
وفي باكستان تصدر أحكام الإعدام بشكل متكرر عادة، لكن هذه العقوبة لم تعد تطبق منذ العام 2008 باستثناء في ظل الحالات المرتبطة بالأحكام العرفية، وذلك بموجب تجميد لهذه العقوبة القصوى. وأعلن مسؤول كبير في مكتب رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف أن «رئيس الوزراء وافق على إلغاء تعليق عقوبة الإعدام في حالات الإرهاب». لكن وسائل الإعلام الباكستانية لفتت إلى أن وعوداً سبق أن صدرت بعد وقوع هجمات مماثلة لكن العنف لم يتوقف. وكتبت صحيفة دون الناطقة بالإنكليزية «إن قطع وعود بسحق تمرد بعد هجوم كبير لا معنى له». وأضافت «إن العمليات العسكرية لن تؤدي إلى نتيجة إلا إذا كانت هناك محاولات لاستئصال الجذور الايديولوجية للتمرد».
وأطلق الجيش هجوماً كبيراً في الأشهر الستة الماضية ضد معاقل حركة طالبان الباكستانية ومجموعات أخرى تنشط في منطقة وزيرستان الشمالية القبلية القريبة من بيشاور. وأدت العملية إلى مقتل أكثر من 1600 مسلح فيما اعتبرها الجيش ناجحة قائلا إنها أدت إلى تفكيك البنى التحتية للمتمردين. لكن تسود مخاوف من هجمات انتقامية أكثر من أي وقت مضى. وقال محمد خراساني المتحدث باسم طالبان الثلاثاء أن الهجوم جاء انتقاماً للقتلى الذين سقطوا في عملية الجيش. وقال «إن مقاتلات الجيش تقصف ساحاتنا العامة ونساءنا وأطفالنا، كما تم اعتقال الآلاف من المقاتلين وأفراد عائلاتهم وأقربائهم. لقد طلبنا تكراراً بأن يوقفوا هذا الأمر». وأضاف «في مواجهة تصلب الجيش اضطررنا لشن هذا الهجوم بعدما تحققنا من أن أولاد عدة مسؤولين كبار في الجيش يتلقون تعليمهم في هذه المدرسة».