تغييرات وزارية هامة أجراها الملك المحبوب حفظه الله ورعاه، والهدف هو المواطن، الذي قال مليكنا الغالي في مناسبة سابقة وبتواضع الكبار بأنه خادمه، وهذا تعظيم لشأن المواطن وتكريماً له، وعلى الوزير الذي حظي بالثقة الكبيرة بأن اختاره عاهل البلاد ليكون عضواً في حكومته أن يتفانى من أجل تنفيذ تطلعات ولي الأمر.
سأوجه رسالتي الأولى إلى الوزير الذي نشترك معه في هم الإعلام، ومسك القلم مثلنا في يوم من الأيام ليتوجه مباشرة إلى مجتمعه عبر الصحافة، ولا نعتبره غريب عنا، بل أكثر الصحافيين والكتاب يعرفونه جيداً وتربطهم به علاقات طيبة.
من المصادفات أني كنت أتحدث هاتفياً قبل عشرة أيام فقط مع الدكتور عبدالعزيز الخضيري في أمور تخص العمل الذي كان يتولاه على رأس شركة تطوير التعليم، كان مفاوضاً بارعاً وحكيماً لا يتسرع باتخاذ القرار، لن أحكم على الوزير الخضيري، وليس أنا من يقيمه، ولكن أقول ما رأيته بحق.
يأتي وزير الثقافة والإعلام الجديد من خلفية إدارية حكومية، ولكنه ليس مثل السواد الأعظم من الحكوميين. يكره البيروقراطية المعطلة، ويميل إلى اتخاذ القرار، يتروى ولا يتأخر، يستعجل ولا يتعجل، لا ينتمي لتيار ولا ينحاز إلى فريق دون آخر، يقف في المكان الذي يجب على رجل الدولة أن يقف فيه، حكماً عاقلاً وليس خصماً متحمساً، ولعل هذا يجذبني إليه، مشغول بالتنمية، وتأخذ حيزاً كبيراً من وقته وجهده، ويعرف جيداً ماذا يريد، فلا يستهلك الوقت في أمور لا تنفع، يصحو مبكراً كل صباح ويتابع التفاصيل، وأعان الله مرؤوسيه على هذه الصفة.
في المكالمة التلفونية التي استمعت فيها إلى المدير الذكي كان يقول لي أنا أعتبر نفسي من أسرة الإعلام، ووقتها لم يكن يدري بأنه سيكون على رأس جهاز الإعلام الحكومي، الذي يحتاج برأيي المتواضع إلى مقاتل يجاهد بحزمه ما أفسدته السنوات بالإهمال أو التهاون أو التخريب الممنهج، بين الصحافة والتلفزيون والإذاعة، وقطاعات أخرى تحتاج إلى حزم وإرادة للتطوير، والتحدي الأكبر في تطوير الأداء ليس مواجهة الأشخاص بل في تأهيلهم للقيام بأعمال ترتقي بجهاز لم يحقق أي خطوة إلى الأمام في عصر معلوماتي إحدى ركائزه الإعلام.
الرغبة في التطوير أجزم بأنها من أولويات الوزير الجديد، والأدوات ليست بعيدة عنه، والكوادر ليست عاجزة ولكنها تحتاج إلى تحفيز ودفعة، وأن لا يغفل وزير الإعلام الجديد ملف الموظفين وإشعارهم بالاستقرار الوظيفي، وأن يلتفت إلى التلفزيون الرسمي الذي لا يزال يصارع في ظل تراجع كبير على جميع المستويات، جعلته غير قادر على إيصال الرسالة الرسمية ولا القيام بالعمل الاتصالي الذي وجد من أجله.
رسالتي الأولى لمعالي وزير الثقافة والإعلام، إيماناً بالدور الهام للإعلام في هذا الوقت بالتحديد، ونحن نواجه أزمات حقيقية تحتاج إلى مقاتل شجاع، يحارب من أجل الوعي وتعزيز الانتماء ومواجهة الباغضين والكارهين ومن لهم أطماع ومآرب خبيثة.
والعصا التي بيده اليوم ليس بالضرورة أن تكون سحرية، لكنها يجب أن تضرب هامة الخمول، وأن يحرك الراكد في وزارة استسلمت للكلاسيكية المملة، وأن يعمل على إستراتيجية وطنية للإعلام، وبرنامج تطوير يرتب الأولويات وينصف المبدعين الذين قتلت إبداعاتهم البيروقراطية، ودمر طموحاتهم البيروقراطيين.
أسأل الله أن يوفق الوزير الجديد لنرى إعلاماً جديداً يتناسب مع مكانة بلادنا الغالية ودورها السياسي والاقتصادي والثقافي.