هل هو عام استثنائي لمخاطرة الإرهابية، أم أنه شهر صعب أو أسبوع معقد في مواجهاته؟.. أم أنه عقد كامل، أو عقدان من الإنجازات الأمنية المتفوقة على الإرهاب والإرهابيين؟.. يظهر أننا أمام دوامة شديدة التلون، خطرة الأهداف، مجنونة الهوية، إرهاب مهما تلبس بالدين والتدين، حرب إرهاب معلنة ضد هذه البلاد حكومة وشعباً واستقراراً واقتصاداً وتنمية، بل بوضوح هي ضد جغرافيتنا ومملكتنا العربية السعودية.
وكل الإرهاب وفعله مهما تعددت ألوانه ورموزه، لم يكن ولا يهدف إلا للإساءة إلى هذا الكيان أو حتى إضعافه. لم يمر أسبوع على إعلان المملكة السعودية ضبط خلية إرهابية مكونة من 135 شخصاً من بينهم 16 سورياً وثلاثة يمنيين وبحريني وعراقي ولبناني، تورطوا في مناطق الصراع وارتبطوا بتنظيمات متطرفة، وتجنيد عناصر لإرسالهم إلى الخارج.. ضمن مخطط متكرر -للأسف- ضد أمن الوطن واستقراره من قبل فئات حاقدة لها ولاءات خارجية، ورغم وجود اختلاف عام لخلفياتهم الفكرية إلا أن الإرهاب وحدهم، هم الدواعش فاحذروهم. ملتهم الإرهاب، وتقف خلفهم جهات ودول هدفها تفكيك الوطن، ضرب وحدته، إحالته إلى فوضى مدمرة كما يحدث اليوم في أكثر من بلد عربي.
بعد نحو خمسة أيام فقط -الخميس الماضي من تفكيك تلك الخلية القذرة- أعلنت وزارة الداخلية القبض على مطلقي النار ضد الدنماركي في الرياض نهاية شهر نوفمبر الماضي. حيث تم القبض على من نفذوا الاعتداء، وهم ثلاثة من المواطنين، مطلق النار وسائق السيارة ومن قام بتصوير الاعتداء. التحقيقات الأولية أكدت أن الجناة أقدموا على ارتكاب جريمتهم تأييداً لتنظيم داعش الإرهابي، وتدربوا على ذلك قبل تنفيذ الجريمة بأسبوعين.
نحن لسنا أمام خلية محدودة، ولكن أمام جماعات إرهابية تحالفت مع الشيطان من أجل القتل والتدمير وإحلال الفوضى. وضرب الوطن في أمنه واستقراره. بعد خلايا القاعدة التكفيرية، والمواجهات الأمنية المباشرة والاستباقية بكل نجاحاتها العظيمة لحفظ الأمن والوطن من شر المعتدين وضلالهم، ها هي داعش تطل بنفس المنهج المنحرف وبخبث جديد، وحرب جديدة في محاولة تحقيق ما عجزت عنه القاعدة وأربابها.
ومع كل الثقة في قدرات وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية الأخرى على تعقب وفضح الإرهابيين قبل وبعد أي جريمة إرهابية، إلا أن هذه الثقة تحتاج إلى دعم ووعي شعبي أيضاً بأخطار الإرهاب المحدقة والتي لا تألو إلا على تفتيت وحدتنا الوطنية، ومحاولات يائسة لضرب الأمن والاستقرار، ورغم العجز الشديد الذي تواجه هذه الخلايا العدوانية إلا أنه لا تتوقف عن المحاولة عن إحداث خلل أو شرخ.
مواجهتنا مع الإرهاب كحكومة وشعب وأمة، يحب أن يكون عملاً مشتركاً لا تراجع أو تهاون فيه. مع تفعيل -بات ضرورياً- للعقوبات الصارمة ضد كل متورط بالتحريض أو التنفيذ أو التمويل. كما من المهم أن تكون إستراتيجية المواجهة الفكرية حاضرة وجادة لتساهم في إبعاد المخاطر عن كياننا الوطني دون مجاملة أو تردد. فلا مكان لثقافة أو تيارات أو فكرة لا تعترف بالوطن وحدوده الجغرافية وهويته الوطنية.
كل من يخالف ذلك لمبررات تتعلق بأحلام جاهلة أو أوهام الخلافة المشوهة وفصل الجغرافيا الحديثة عن الواقع السياسي هو عدو وداعشي بامتياز، وإن اختلفت المسميات والأسباب. الجهد الأمني الجبار يحتاج إلى سرعة عمل الجهاز القضائي لمحاكمة المجرمين والخائنين للوطن وأهله والردع دون تبرير، وإلى عمل فكري ثقافي جاد ومنفتح على العالم يعترف بالوجود الإنساني كله ويحترمه دون استثناء.