كل المعطيات تؤكّد أهمية الاعتناء بالقطاع الزراعي في المملكة، سواء من حيث ازدياد عدد السكان المتوقّع خلال السنوات العشر القادمة، أو من خلال ترجع معدلات الدخل، كنتيجة لهذه الزيادة، إضافة إلى التضخم، وتراجع أسعار النفط، وارتفاع أسعار المواد الأولية، والمستوردة من الخارج، حيث إن التفكير بالتخطيط الاقتصادي الزراعي على تنوّعه مهمة إستراتيجية يجب البدء بها من الآن.
وعليه فإنه يمكن استثمار حالة الانتعاش الاقتصادي الذي تمر بها المملكة، بالعمل على خصخصة الصندوق الزراعي لما سيكون له من نقلة حضارية متميزة على الاقتصاد الوطني فقطاع الزراعة السعودي قوي وضخم لم يحسن استغلاله بعد، ليدخل في صلب الإستراتيجية التنموية المتكاملة، لذا لا بد من وجود رؤية استثمارية متطورة لقطاع الزراعة في المملكة، تضمن تحقيق الاكتفاء الزراعي الذاتي للمملكة بالتدرج، لتصبح الزراعة قطاعاً حيوياً واقتصادياً نافعاً للوطن والمواطن، وهذا لا يحتاج إلى كثير من الأموال بقدر حاجته إلى الخصخصة ليعمل وفقاً لرؤى استثمارية إنتاجية.
لقد حقق الصندوق الزراعي كثيراً من التقدّم، والإنجازات في الشأن الزراعي, وساهم في دعم الأمن الغذائي في المملكة بتمويله الكثير من المشاريع الزراعية للمواطنين في جميع أنحاء المملكة، وفي المقابل يواجه بعض التحديات التي تتطلب مبادرات مهنية لتطويره، والأسرع في خصخصته، وتحويله إلى قطاع إنتاجي زراعي مستدام، ليساهم في تنمية، وتطوير الاقتصاد الوطني, وخاصةً في المناطق الريفية، ولتحقيق ذلك فالصندوق يحتاج إلى إستراتيجية شاملة من الداخل، ورفع كفاءته وتحسين أدائه، وتنمية موارده البشرية.
هناك بيروقراطية تواجه بعض الموظفين في الصندوق الزراعي، تسهم بعدم الاهتمام بهم وتطويرهم وعدم المساواة بينهم في العلاوات، والترقيات، وعدم منحهم حقوقهم أسوة بزملائهم في الجهات الأخرى، حيث إن هناك بعض الموظفين المحبطين لم يتم تحسين أوضاعهم منذ سنوات، ويعانون من عدم القبول والاستقرار الوظيفي بسبب المحسوبية فلماذا لا تكون هناك إستراتيجية وهيكلة إدارية واضحة المعالم لتصحيح وضع الموظفين، والعمل على تطويرهم، حتى تكون هنالك مساواة وعدل للجميع.
وعلى الصندوق أن لا يرفض أي طلب من أي مواطن تقدم لقرض زراعي وتنطبق عليه شروط وضوابط الإقراض، وعلى الصندوق أن يدعم الاستثمارات الزراعية ليساهم قي حل المشاكل التي تواجه صغار المزارعين، وتوفير جميع التسهيلات والخدمات لهم والعمل على خفض التكاليف الزراعية، وتسويق منتجاتهم الزراعية.
وعلى الصندوق الزراعي العمل على إعداد الدراسات والبحوث الإستراتيجية التي تساعد المزارعين في مشاريعهم الزراعية للمستقبل، والاستعانة بمراكز البحوث في جامعة الملك عبد الله وجامعة الملك سعود، والجامعات الأخرى لتحديد معالم التوجهات الزراعية المستدامة في المملكة ودعم صغار المزارعين، وإقراضهم بما يحقق أهداف القطاع الزراعي المستدام، والتنمية الريفية وتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الزراعية، وبهذا يمكن للصندوق أن يكون مساهم حقيقي في التنمية والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
ولكي ينجح الصندوق الزراعي يجب خصخصته ضمن رؤية مستقبلية، تسهم في الاستعجال بتطويره بالتنسيق بين وزارة الزراعة ووزارة المالية ضمن رؤية إستراتيجية متقدمة، وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص للاستثمار في الزراعة، فجميع الدول المتقدمة تولي أهمية كبيرة بالزراعة لأهميتها ودورها الفاعل في توفير المنتجات الزراعية وفرص العمل لمواطنيها، والمساعدة في القضاء على مشكلة البطالة، وذلك من أجل تطوير وتنمية القطاع الزراعي في المملكة بما يتفق مع مزايا كل منطقة.
كلنا أمل في معالي وزير الزراعة الجديد للوقوف إلى جانب موظفي الصندوق الزراعي، ومعالجة مشاكلهم بالعدل والمساواة في الترقيات، والعلاوات لجميع الموظفين، والإسراع بخصخصة الصندوق، لأن الخصخصة تعتبر ظاهرة صحية كثيراً ما تنعكس إيجاباً على الموظفين، ورفع مستوى أداهم، وتوفير فرص العمل لهم، والمساهمة في بناء قطاع زراعي متكامل، يوفر منتجات غذائية جيدة بأسعار مناسبة للمنتج والمستهلك، وإيجاد بيئة زراعية مستدامة للمملكة تدعم مسيرة التنمية الاقتصادية الوطنية.