أحد أبرز الشعراء في الساحة الشعبية، أحبّه في الله، لأسباب منها حرصه على رأب الصدع في الساحة الشعبية، وسعيه للصلح بين أكثر الشعراء الذين كان بينهم مواقف بدأت باختلاف امتد لخلاف ما كان له أن يكون، مع ملاحظة أنه يفعل كل ذلك لوجه الله، بعيداً عن الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، بل يرفض بشدَّة الإشارة لأي جزئية لها صلة بالأمر الذي أنجزه.
المؤسف أن بعض وسائل الإعلام - وتحديداً في الساحة الشعبية - غيّبت الإنصاف عن مهنيتها، وأصبح بعض القائمين عليها يرون أن الإساءة لشخص - عبر آخر - إثارة..! وربما اختلط عليهم الأمر في لفظة (البثارة) الشعبية التي تعني في بعضها مع الأسف (الغيبة) التي نهى الله عنها، قال الله تعالى وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12 سورة الحجرات). مثّل القرآن الكريم لعظم قبح الغيبة وشناعتها، بتمثيل مخيف مفزع!! إِنسان يجلس أمام جثة ميت، ينهش ويأكل لحمها، وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال «قُلتُ: يا رسول الله أيّ المسلمين أفضل؟ قال: من سَلِم المسلمون من لسانه ويده» متفق عليه.
وجاء في رياض الصالحين «اعلم أنه ينبغي لكل مُكَلَّفٍ، أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام، إلا كلاماً ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسُّنَّة الإمْساكُ عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعَدُلها شيء».
لذا فإنني لا أبرئ - بعيداً عن تفسير النوايا - من يُبارك مثل هذه التجاوزات في الساحة الشعبية من ممارسة المكائد وتصفية الحسابات وتوظيف المآرب باسم المهنية المظلومة التي يتذرّع بها البعض..! وما أشبهه بالنعامة التي تضع رأسها في التراب بل هو - كنافخ الكير - وربما أنه الواشي الذي قال عنه الشاعر الكميت:
لَئنْ كُنْتَ قَدْ بُلِّغْتَ عَنِّي جِنَايَةً
لَمُبْلِغُكَ الوِاشِيْ أَغَشُّ وَأَكْذَبُ
فهو وأمثاله أس الداء المرصود في مثل هذه الحالة وتُسدى إليه إذا ما عتب مقولة شهيرة أو ربما نصيحة نصها (اصلح من نفسك قبل أن تَلُمْ الآخرين
First mend yourself، and then mend others).
وقفة للشاعر عبد الله بن صقيه:
مَا خِبْرَت الحرمل وِخِذْ منه مِسْوَاك
ولا قَدْ جِنِي حلو الثَّمرْ من حَبَاجَهْ