الرقي في التعاطي مع الآخر من عدمه قضية شخصية قبل أن تكون أخلاقية، تعتمد على مكونات الشخصية من ثقافة ووعي وسلوك وتربية تضرب في جذورها إلى البيئة والتنشئة، وما صاحبها من تأثر وتأثير وهو موضوع متشعب يتطلّب توثيق جزئيات متوزعة حوله على أكثر من تخصص، منها ما يصب في علم الاجتماع ومنها ما يصب في علم النفس، وهو أمر يطول شرحه وإن أوردته كمقدمة لجزئية عن حادثة سلبية - أرصدها هنا - وأتمنى من أعماقي ألاَّ تتكرر، لأن (الرصد أول خطوات العلاج والضوء يكشف الظلام)، حيث أخبرني أحد الشعراء عن تلقيه إساءات متكررة تجاه شخصه، مصدرها اسم مستعار من خلال وسائل التواصل الاجتماعي تصل إليه بقالب - شعري - بشكل لا يليق مطلقا، مما اضطره للدفاع عن نفسه وأخذ حقه كمتضرر ولكن بشكل رسمي ونظامي، ويا لهول الصدمة حين اكتشف أن الاساءة مصدرها ممن كان صديقه منذ سنوات طويلة، حيث وقف معه مواقف إيجابية كبيرة فيها من الإيثار والتضحية المتناهية ما يستحيل وصفه.. فكان جزاؤه منه جزاء سنمار!.. أي تلوِّن وازدواجية هذه، وإلى أي وضع متدن وصل حال صداقات بعض الشعراء الشعبيين أو ليسمحوا لي إن استخدمت المصطلح المؤسف الشهير - الأعدقاء -.. قد أجد العذر لشاعر لا زال في طور التكوين في مراحل عمره ولم تتبلور تجربته في الحياة تماماً، وقد أجد العذر ايضا لشاعر لم ينشأ في بيئة إسلامية سعودية فاضلة كمجتمعنا السعودي الراقي الغني بالفضيلة وحسن السلوك.. والمؤلم حقاً أن الشاعر الذي تنازل عن الشخص الآخر - أو صديقه تجاوزاً المسيء إليه - قال لي بالنص: صدمتي في شخص صديقي ذات يوم بعد أن عرفت أنه خلف هذه الإساءات أكبر من صدمتي بتصرفاته الأخيرة، لثقتي في نفسي قبل كل شيء.. أي مفارقة هذه التي تتسامى بالنقي الراقي على جحود الغير وتلونهم وحقدهم، بل وجبنهم حتى في أسلوب عداوتهم التي لسان حالها المخجل نص المثل المعروف (خفافيش السوء تهرب من الضوء He that does ill hates the light).
وقفة للأمير الشاعر سعود بن بندر - رحمه الله -:
ظنيتني مثل بعض الناس
أبشّرك.. خابت ظنونك
من فضل ربي رفعت الراس
وكمّلت ممشاي من دونك
أرقى العلا واكسب النوماس
في وقت ما ترفع عيونك