في اليومين الماضيين هبطت أسعار الأسهم إلى أدنى مستوى كما ذكرت أخبار المال، والاقتصاد،..
وذهب نفر يخشى أن يصاب الناس من ذوي المال المستمرين في الأسهم بما أصيبوا به عند الخسائر الفادحة التي حلّت فترة الانتكاسة السابقة..!
مع أن المتضرر الأول في حركة الأسهم هم صغار المستثمرين، بينا كبارهم يسهرون جراها ويتصارعون.. ويكدسون..!
إنّ بين هؤلاء، وأولئك من هناك لا يكترث بشأن حركة الأسهم صعدت، أو تدنت، فليس نصيبه من الاستثمار أرصدة مال موقوفة في مضاربات، ومساهمات هذه الأسهم،..
وهو لا يسهر ليله يفكر في أرباحها، أو خساراتها، ولا يمضي دقائق في متابعة أمرها..!!
لأنه إما أن يكون لا يملك من المال ما يدس به رأسه في دواماتها، أو لأنه يؤمن أنّ الاستثمار أنواع، وأهمها لدى أي راغب مثله في تطوير معاشه، وتحريك عجلة الاستثمار في المجتمع أن لا يتقدم الاهتمام بشأن المال، مع أنه عصب التطوير.. بل أن يقدم في شأن تطوير المجتمع استثماره أولاً في الذي يطور المال..!!..
أي عقل الإنسان..، فهذا العقل البشري إن استثمر كما ينبغي له أن يُستثمر علماً، ومهارات، وقدرات، ومدارك فإن لعبة المال ستكون أسرع من كرة بين قدمي محترف، أو آلة حاسبة في غاية مهارات تقانتها بيد عبقري..!
قبل أكثر من ثلاثة عقود ونيف، أوقفت مؤسسات التعليم في أمريكا استخدام الآلة الحاسبة في الفصول الدراسية، ومدرجات الجامعات، بل في الاستخدام الشخصي لجميع طلبتها، ذلك لأنهم وجدوا في استخدامها ما يقلص القدرات العقلية لدى الناشئة، ومن ثم يؤثر في حصاد نتائجها، ومهاراتها في الإنسان، ذلك بعد أن اجتاحت قبل ذلك الوقت مؤسسات التعليم استخدامات الآلات الحاسبة واعتمد عليها الطلبة في حصد نتائج الحساب، والمعادلات الرياضية.. فأنذرت بما تصدت له المؤسسة التعليمية الأمريكية في وقته..!
منذ ذلك، والعالم الذي صنع هذه الآلات، وطورها بعقول الأجيال التي نمت مهاراتها، واعتني بمقدراتها، وروعيت تنمية مداركها، وقدراتها، قد استطاع أن يطور التقانة فشملت الأجهزة الذكية بإمكاناتها المتعددة، والمعقدة بما فيها من برامج فاقت تلك الآلات الحاسبة في بداياتها..
في الوقت ذاته ذهب العالم العربي يقلد ما كان يفعله أولئك، دون تفكير في مدى تأثير هذه الآلة على كسل وعجز العقل البشري كي يأخذ مداه في القدرة والإدراك والمهارة والوعي، والدليل ما تسمح به المدارس في تدريسها المواد الرياضية، وما هو نحوها باستخدام الآلة الحاسبة المتطورة التي لا يستخدمها أصحاب تصنيعها في مدارسهم..، بل في مختبراتهم الأعلى.. بعد التأكد من قدرة عقولهم ومتانة بنائها..!!
إن الاستثمار الحقيقي هو في نتائج أسهم العقول، وهو أبعد إثماراً..، وأثرى نتائج من مئات الألوف من العملات المالية نظير الأسهم قيمتها..، تلك التي إن ارتفعت أرصدة أصحابها فرحوا بغناهم أرباحاً..، وإن تدنت ماتوا بخيباتهم خسائرَ..!!
بينما الخسارة الكبرى في عدم استثمار أسهم العقول البشرية من القدرات، والمهارات، والمواهب، إذ الاستثمار الذي يتفوق، وينتج ما ينمي المال..، ويعلي من شأن الاقتصاد على مستوى الفرد، ومن ثم محيطه.
فاستثمروا في العقول، لتثمروا في المال..
ذلك هو الحصاد...،
وهذا هو ميدان الاستثمار الأجدى الأنفع في أسهم التطوير، والتقدم..!!