من القضايا الملحّة التي ينبغي الالتفات إليها، والعمل على مواجهة تيارها من قِبل المسلمين جميعهم، هي قضية «الردة» التي انتشرت بين شباب المسلمين، وذلك بهدف تمكين صحة الفرد المسلم من دينه..
فإنّ السيل يتشعب، والمنجرفون في تياره على مساحات بلدان المسلمين كثر، مما يوهنهم، وينقلهم من عذب الدين، لطمي الإلحاد...
فإن لم يرتدوا، فإنهم يتداخل الشك فيهم، فيكدر صفاء عقيدتهم فيتذبذبون، ويسهل عليهم الكسر فينكسرون..، ولا يقوون على مواجهة دعوى السيل بحجج الثبات بعيداً عنه لضعف علمهم وخواء زواداتهم عن دينهم،..
الذين يكتبون في الدين بلا علم تكاثروا..، والذين يتعرضون للخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، دون أن يكونوا قد عرفوهم من خلال دراسة أو معرفة مكينة حدث عنهم بلا حرج..، والذين ليسوا من ذوي الخبرات في أصول الدين وتأويل الحديث وتأريخ الإسلام ما أجرأهم..، وقد أتيحت لهم وسائل الكتابة، والمنابرة، والمجاهرة، فانتشر منهم الذين يبرزون بأصوات مفرغة من العلم..، ونبتوا في طرق الواهنين في دينهم، الذين غفل عنهم التعليم فلم يؤسسهم، وجهلت فراغهم الصحافة فأتاحت لخوائهم، وأفسحت لهم نوافذ العالم الافتراضي مسارب الانتشار فأغدقوا في غثائهم، وركض من ورائهم هش العود، سقيم العلم، ضعيف العزيمة..
ومثل ما أن المسلمين شُغلوا بمتابعة ما يحدث في العراق، وسوريا من صراع حميم يتصدى له كل العالم، ما جعل أغلبهم هم ينصرفون عن قضية بيت المقدس، فإنهم أيضا شُغلوا عن الشباب المنجرفين في سيل البعد عن دينهم..، والتأثر بمقولات التافهين فيه، وفي رجاله، وفي أحكامه، بل بلغ الأمر في تأويل آيات قرآنه العظيم، وحديث رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، والتعرض لمراجعه الثقة...
ألا يحتاج الأمر بجلله، وأهميته لنهضة المسلمين كي يتصدوا للتطهير..، وللتثبيت، وللتنقية مما لحق بأبناء المسلمين من قلق، وشكك، وعدم ثقة، وتذبذب، ومن ثم اتباع، بل خروج عن الملة.. بمشروع دولي مؤسساتي نابه وحاسم..؟!
إنها القضية التي لا أحسب أنها تغفل عن الغيورين،..
ولكي تؤدي نتائج مجية جهودهم التي يُتطلع أن تُشحذ، ينبغي أن يكون العمل بتضافر الدول المسلمة جميعها..، وتتولاه فيها مؤسسات التعليم، والإعلام، والمفكرون، والمختصون في علوم الدين، والتاريخ الإسلامي، ويكونون من صفوة المقتدرين الذين بإمكانهم وضع خطط، وضوابط نظام، وعقوبات، وبرامج، ليتمكن المشروع من التصدي بالمواجهة المدروسة للحملات الفكرية، ولصغار العارفين، ولجهلة المفكرين، ولفسق المتساهلين، وإن كان واحداً ممن يمسك قلمه ليهذي في صحيفة ما عن آية عظيمة، أو حديث شريف، أو مصنف تعارف عليه المسلمون مرجعاً موثوقاً به، أو شخص من أمهات المؤمنين، أو الخلفاء، والصحابة رضي الله عنهم..
فالله الله على كل ما انبعث من مسلمين عن إسلامهم..، وما انتشر من وهن فيمن كانت غلبتهم قوة إيمانهم..
إن المرحلة بالغة الخطورة، وتحديداً بعد انبعاث هذا الغثاء باسم الدين، يقتل فيه المسلم أخاه المسلم، يعتدي فيه على عرضه، وأرضه بحجة الدعوة الباطلة، والجهاد المزعوم..
ولعل أن ينبعث من هذه الأرض الطاهرة مشروع مكافحة «الردة» عن الإسلام بين ناشئة، وجهلة المسلمين في كل مكان، وتحديداً في الشعوب المسلمة بكل مستوياتها، ووسائلها، ودعاتها، وإغلاق الأبواب أمام تياراتها بين مسلمي الدول العربية، وسواها.. بعد أن تكاثف الرماة، وبلغت رمياتهم، في ضوء الفوضى العارمة التي تلف العالم بما فيه الإسلامي.
اللهم آمنّا على ديننا، وثبتنا عليه، وارزقنا وجميع المسلمين التوبة، والمغفرة، وحسن الختام... آمين.