بالعودة لما سبق أن أشرت إليه يوم الأحد الماضي، بخصوص تضارب المصالح بين وظائف الدولة وعضويات مجالس إدارات الشركات، فإنه يجب الاستشهاد بالممارسة التي نمارسها هنا بكل اقتدار. فوزير الخدمة يشغل، بالإضافة لعمله الأساس، عشرات المناصب في اللجان ومجالس الإدارات، ويتقاضى منها أكثر بكثير من دخله العالي جداً. وهذا يحدث في ظل الغنى الكبير الذي تنعم به بلادنا من ذوي المؤهلات العالية والخبرات الدولية، والذين ينتظرون فرصاً لائقة، لكي يوظفوا تجاربهم لخدمة بلادههم بأفضل وأرقى وأحدث الأفكار والتطبيقات.
ومع استمرار ممارسة رؤوس هرم الوظيفة الحكومية لهذه المخالفات المهنية، فلقد تحولت مع الوقت إلى عرف. وصرنا اليوم نجد وكلاء الوزارات والمديرين العامين ومن أقل منهم في المنصب الإداري، يضعون أنفسهم في كل لجنة وكل مجلس، سواءً مع المعزّب أو بدونه! ثم صرنا نرى اللجان التي تؤسس لخدمة المجتمع، يرأسها أصحاب وظائف في الدوائر الحكومية أو الأهلية أو الإعلامية، في ظل وجود طاقات فكرية ومهنية راقية، تستطيع أن تقدم أكثر بكثير مما سيقدمه هؤلاء المشغولون، الذين ليست لديهم مؤهلات لرئاسة اللجنة، إلاّ علاقات الصداقة التي تربطهم مع رئيس رئيس اللجنة.
وسأقول لكم ماذا سيحل باللجنة، بفضل هذا الرئيس المشغول:
سيصارخ بوجه مدير مكتبه الذي يذكره منذ الصباح بموعد اجتماع اللجنة. سيذهب لمقر الاجتماع وسط مكالمات متواصلة من عمله الأساس. سيطلب من أمين سر اللجنة أن يعرض جدول الأعمال بأسرع وقت، لكي يخلص ويرجع لعمله!