على قاعدة (لا يصح إلا الصحيح)، ها هي صحيفة (الجزيرة) تثبت أن حملتها ضد أخطاء شركة موبايلي كانت في محلها الصحيح، وأن متابعتها الدقيقة للتطورات والمستجدات، وملاحقتها لأخطاء الشركة اعتماداً على الحقائق، قد صبت أخيراً في صالح الشركة ومساهميها، وهو عمل صحفي احترافي من صحيفة (الجزيرة) بامتياز. ولم يثنها تهديد المسؤول في الشركة بوقف إعلاناتها في صحيفة (الجزيرة) عن مواصلة كشف الأخطاء والتجاوزات، والمطالبة بمحاسبة المتسببين.
***
لقد تحملت صحيفة (الجزيرة) منفردة تلك المسؤولية كاملة، أمام مشكلة كان يمكن أن تختفي معالمها، ولا تأخذ كل هذا البُعد في التحقيق والمساءلة، لولا أن (الجزيرة) ظلت أياماً تواصل الدفع بآراء المختصين لإبداء آرائهم بموضوعية تامة، وفقاً للحقائق التي تم كشفها، حتى بعد أن اعتذرت الشركة في بيانها عما أسمته بسوء الفهم حول إيقاف الإعلانات عن (الجزيرة)، مؤكدة استمرار شراكتها مع صحيفة (الجزيرة)، فقد كنا في سبيل مصلحة الشركة ومساهميها، وسوق الأسهم بعمومه، ندرك أن قطع الإعلانات عن الصحيفة أو إغراءها بمزيد من الإعلانات شيء، والمصلحة العامة شيء آخر.
***
ولقد جاء كف يد العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للشركة المهندس خالد الكاف من قِبل مجلس إدارة شركة موبايلي، وتفويض نائبه سيركان أوكاندان بتسيير أعمال الشركة، إلى حين انتهاء لجنة المراجعة التي شكَّلها المجلس لتحديد المسؤولية حيال ما ورد من أخطاء ورفع تقريرها إليه، باعتباره إجراء سوف يقضي على أي أخطاء أو تجاوزات مستقبلية في هذه الشركة متى وُجدت؛ وبالتالي هو قرار إنذار وتنبيه بشكل غير مباشر للشركات الأخرى المدرجة في سوق المال بعدم التلاعب في أرقام القوائم المالية؛ وهو ما يعني تصحيح مسار العمل في الشركات المساهمة، كبرت أو صغرت؛ ومن ثَمَّ حمايتها من أي إخفاقات قد تقود إلى تأثر السوق؛ وبالتالي هروب المتعاملين في بيع وشراء الأسهم من السوق، وإعطاء انطباع غير حسن عن سوق الأسهم في المملكة.
***
إننا إذ نقدِّر موقف مجلس إدارة شركة موبايلي، فإننا نطالبها بالشفافية والمصداقية؛ وهذا يتطلب إيضاح بقية التفاصيل التي ربما لم تُعلَن بعد؛ وذلك لطمأنة الجمهور على أن الشركة بأيدٍ أمينة، وأن ما حدث هو تحت المعالجة، فنحن نريد أن تتعافى الشركة، وتتحسّن صورتها، وهذا لن يتم بدون الوضوح والصراحة والشفافية في التعامل مع ما حدث لموبايلي، الذي لا يزال إلى اليوم حديث الشارع. ولعل من وُضعت فيه الأمانة، وهو سيركان أوكاندان، بتكليفه بعمل العضو المنتدب والرئيس التنفيذي، يعطي الكثير من الأمان والاطمئنان؛ كونه كان نائباً، ويعرف ما كانت تمر به الشركة من ظروف خلال عامي 2013 و2014.
***
وإن ارتفاع أرباح الشركة مالياً، وزيادة رأسمالها، ونجاحاتها الأخرى في سنوات سابقة، وهو شيء مقدَّر ومحسوب، لا يبرر القبول بأخطاء كتلك التي أُعلِنت، ولا يسمح بالتسامح مع أي مسؤول يكون قد تبيَّن أنه سبب في هذه الأخطاء، واستثمارها بشكل أو بآخر للإضرار بالشركة ومساهميها، سواء بقصد أو عن غير قصد، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. كما أن تصحيح الوضع مالياً يتطلب تصحيح الوضع في الإدارة التنفيذية للشركة؛ حتى لا تتكرر الأخطاء مرة أخرى.
***
وسوف نظل في صحيفة (الجزيرة) نتابع الأمر بإخلاص وحرص، وبما يستجيب لمصلحة الشركة ومساهميها. كما أننا لن نتوقف عن إبراز أي نشاط إيجابي تقوم به الشركة مستقبلاً، ولن نهمّش دور أي مسؤول فيها؛ تكون لديه إسهامات أو مبادرات جيدة في النتائج الإيجابية التي تحققها الشركة، واثقين بأن ما تم بشأن العضو المنتدب سوف يعطي انطباعاً لدى الجميع بأن الجهات المسؤولة عن هذا القطاع المهم لن تقبل أي خطأ من أي شركة، وليس موبايلي فقط، إذا ما كان يسيء إلى سمعة السوق، ويهدر حقوق المساهمين، مع ثقتنا بأن العقلاء في الشركة وخارج الشركة يقدِّرون سلامة موقف (الجزيرة)، ويتفهمون منطلقاتها الموضوعية والصادقة في تعاملها مع هذه القضية.