عندما تكون صحفياً وأمامك فرصة لصحبة الأمير سلمان بن عبدالعزيز في زيارة رسمية له لإحدى الدول، أو حين يكون سموه في مهمة عمل على رأس وفد عالي المستوى في أحد المؤتمرات أو المنتديات العالمية وأنت أحد مرافقيه، فإن ذهنك حينئذ سوف ينصرف إلى تتبع خطوات سموه ونشاطاته وبرامجه، وكأنك في هذه المتابعة تسبق النتائج بقراءة مبكرة لما سوف يعلن عنه فيما بعد.
***
يشدك التمثيل العالي للمملكة في شخص رجلها الثاني الأمير سلمان بن عبدالعزيز، حيث الكاريزما، والشخصية المثيرة للانتباه، وحيث اهتمام العالم بما سيقوله مَنْ أنابه الملك عنه في مثل هذه المحافل، فإذا به صوت مؤثر، وفكر رائع، ورؤية سليمة، تجسِّد مكانة المملكة وريادتها ضمن كبار دول العالم المؤثرة في صناعة القرار، وممارسة السياسة والدبلوماسية بالحكمة وبعد النظر؛ حتى لا يغرق الجميع في مركبهم الواحد.
***
في أستراليا، وتحديداً في (بريزبن) جاء حضور الأمير سلمان بهياً ومريحاً ومطلوباً بين أقطاب قيادات العالم؛ فهو القائد العربي الوحيد بين هذه الصفوة في منتدى كبار زعماء العالم، كما أنه الوحيد أيضاً بين الأعضاء في منظمة الأوبك الذي تتمتع بلاده بعضوية هذا التجمع العالمي. ولهذا الحضور دلالاته ومؤشراته على أن مكانة المملكة عالية سياسياً واقتصادياً؛ بحيث لم يعد هناك من يملأ الفراغ في حال عدم حضورها، أو يلبي دورها الكبير في تطلعات العالم فيما لو لم تكن بين زعمائه.
***
رؤية وأفكار الأمير سلمان - ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - التي طرحها في مجموعة العشرين في خطابه التاريخي الأسبوع الماضي، كانت امتداداً لحضور الملك عبدالله في ثلاث قمم سابقة لمجموعة العشرين؛ إذ عبَّر عن التجربة الاقتصادية المميزة للمملكة، وخبرة بلاده التراكمية المؤثرة في اقتصاديات دول العالم، بوصف المملكة أحد الشركاء الرئيسة في صناعة القرارات الإستراتيجية وآلية تنفيذها على مستوى العالم.
***
الأمير سلمان في أستراليا، ومع ازدحام برنامجه اليومي بين اللقاءات الجانبية مع زعماء العالم، وحضور اجتماعات قمة مجموعة العشرين على مدى يومين كاملين، لم ينسَ أن يخص رجال الإعلام المرافقين لسموه بشيء من وقته ليس فقط لوضعهم في أجواء اجتماعات منتدى مجموعة العشرين، وإنما - وكعادته - تحدث أيضاً للحضور بما سمح به وقته عن الشأن الداخلي، عن سياسة البناء الحضاري، والأمن، والتعليم، وخدمة الحرمين الشريفين، وغيرها مما هو محل اهتمام المواطنين.
***
كان ولي العهد - كما تأكد لي دائماً - سعيداً بمواطنيه وأرضه، وهو يرى - بألم - عدم الاستقرار والتقلبات الأمنية في عدد من الدول، بينما بقيت المملكة بفضل وحدة الموقف بين القيادة والشعب آمنة ومستقرة، وبعيدة عن التقلبات أمنياً، بما جعلها ومكَّنها من أن تكون في حركة إعمار وبناء وتطوير لا يتوقف، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو ما جعل من سلمان سعيداً لأن بلاده لم تنسق إلى مغامرات ومواقف كان يمكن أن تكلفها الكثير كما حدث في بعض دول الجوار.
***
المملكة بوزنها الديني والاقتصادي والسياسي، وعلاقاتها الدولية المتميزة، ظلت دائماً محط أنظار دول العالم، تخصها هذه الدول باهتمام غير عادي، وتتعاون معها بشكل متواصل ومفتوح على كل المجالات، تستفيد منها المملكة وتفيد، ضمن استقلالية القرار، والنظر باهتمام وعناية لمصالح الشعب، وبما يتوافق مع مصالح وسياسة المملكة. وهذا بعض ما أعطى لها كل هذه القيمة، ومكّنها من أن تتبوأ هذه المكانة المهمة والكبيرة في المحافل الدولية.
***
ومشاركتها في قمة مجموعة العشرين في أستراليا هي إحدى دلالات ومؤشرات المكانة الأبرز التي تتمتع بها المملكة ضمن دول العالم الصناعية. ومثلما نقل الملك عبدالله صوت المملكة في ثلاث قمم سابقة للكبار، واصلت بلادنا أداء دورها الفاعل والمؤثر هذه المرة بصوت ولي العهد. وهكذا يتواصل النجاح ويمتد نحو آفاق أوسع وأهم، وتبرز المواقف السعودية المؤثرة في مسيرة العالم؛ بحضورها القوي بين أكبر وأهم دول العالم، وعلى قدم المساواة معها لخدمة شعوب العالم، وتوفير الحياة الحرة الكريمة لهم.