عودة قطر إلى الحضن الخليجي

جاء اتفاق الرياض التكميلي، بناء على تحليل دقيق لمعطيات الواقع، واستشراف للمستقبل على مختلف المستويات، عندما احتوت الخلافات الخليجية، وأطفأت الأزمات البينية التي دامت أكثر من عام، وأذنت بعودة قطر إلى الحضن الخليجي، وفتح صفحة جديدة في العلاقات بينها، تمثل في قرار السعودية، والإمارات، والبحرين، إعادة سفرائها إلى الدوحة، وعقد القمة الخليجية المقبلة في موعدها في الدوحة، والمقرر عقدها في 9 و10 ديسمبر المقبل.

هذه المصالحة، هي السبيل الوحيد الذي سيقف أمام التحديات الكبيرة، التي تمر بها المنطقة - خصوصا - وأنها ستشكل إطارا جديدا لصياغة العلاقات الخليجية، والتأسيس لسابقة سياسية بين دول الخليج العربي، بل وستكون مرتكزا قويا، لدفع مسيرة العمل المشترك، والانطلاق بها نحو كيان خليجي قوي، ومتماسك - لاسيما - في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، والتي ستتطلب مضاعفة الجهود، والتكاتف لحماية الأمن، والاستقرار فيها، كما جاء في البيان الخليجي المشترك.

ستسهم هذه المصالحة في تنقية الأجواء، ودفع مسيرة العمل العربي المشترك في ظل الظروف الحرجة، والتحديات الخطيرة التي تعيشها المنطقة العربية، بعد أن استندت آلية تنفيذ وثيقة الرياض إلى المبادئ الواردة في النظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي تكفل السير في إطار جماعي، لئلا تؤثر سياسات أي من دول المجلس على مصالح، وأمن، واستقرار دوله، ومن دون المساس بسيادة أي من دوله.

في المقابل، فإن دفع المنطقة باتجاه الاستقرار، هو أولوية إستراتيجية تدعمها وحدة التاريخ، والمصالح المشتركة، - إضافة - إلى وحدة الجذور الشعبية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإنها ستحفظ لدول الخليج العربي سيادتها، ومكتسباتها، وهويتها، وإرثها الثقافي، والحضاري، وأنظمتها السياسية، - وكذلك - الاعتماد على أمنها الذاتي، وليس على أطراف خارجية توجهها وفقا لمصالحها في المنطقة.

بقي أن يقال: إن أمن دول الخليج لا يقبل القسمة على اثنين، ونسيجها كلّ لا ينفصل، وكيانها لا يتجزأ. وتحصينها ضد أي خلافات عابرة، والتوصل إلى وسيلة فاعلة، لردع مصادر التهديد الموجهة إلى دول المنطقة، وإعادة الاستقرار السياسي في الظروف الحالية، والمحافظة على التوازن الإستراتيجي نحوها، بما يلائم مصالح كافة الأطراف، سيحقق مصالح شعوب دول الخليج، بل والأمتين - العربية والإسلامية -.