فاصلة: ((العنف من عادته أن يولد العنف))
- حكمة يونانية -
لا زلت أؤكد على أن تكوين ذات المرأة المشوّه يتحمل مسؤولية ما يصدر عن سلوكيات سلبية من النساء يرجعها البعض إلى النوع «الجندر»، بينما هي تعود إلى التنشئة الاجتماعية المشوّهة للإناث، بالإضافة إلى مشاركة المجتمع في قمعه للنساء مع أساليب التربية التقليدية مما ينشأ عنه نساء ذواتهن مشوّهة.
في 26 نوفمبر 2001 نشرت الزميلة «ميرزا الخويلدي» في جريدة الشرق الأوسط تقريراً مهماً عن دراسة للباحث «أسعد النمر» على عينات عشوائية من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية .. كانت نتائجها أن الإناث أعلى من الذكور في الاستجابة للعدوان الموجّه نحو الذات، بينما يتفوق الذكور على الإناث في حالات العدوان الصريح.
الدراسة استنتجت أن «سبب العدوان نحو الذات الذي تتفوق فيه الإناث، يعود لأنماط التنشئة الاجتماعية التي تشجع أو تعلم الإناث على قمع عدوانهن الصريح «.
نعم الأنثى لدينا توضع في قالب جامد من الكبت والقمع عن التعبير عن ذاتها، ونتيجة لذلك ينمو لديها التحكم في عدوانها، ولكن على حساب مشاعرها الداخلية، وبالمقابل لا يجد الذكور أي اعتراض من قِبل المجتمع في التعبير عن عدوانهم علناً .
عدم تعبير الأنثى عن ذاتها وكبت مشاعرها حتى السلبية منها عن التعبير، ليس أمراً بسيطاً في ذات الوقت الذي عليها أن تستقبل عدوان المجتمع لها، من خلال منعها من العيش وفق كينونتها وإنسانيتها، وحرمانها من التعبير عن انفعالاتها، لأنها ابنة أو أخت أو زوجة عليها ألا تعترض على الرجل في تقديس لذكورته .
من هنا جاء عدوان المرأة على ذاتها، أو كما قال الباحث « اكتسب الإناث نمطاً آخر من السلوك العدواني مختلفاً عن الذكور فمعاقبة الذات تأتي بسبب الشعور بأنّ الذات هو مصدر الإحباط والكف العدواني وبسبب وجود عقاب خارجي شديد أيضاً».
حينما تشعر الأنثى بالعجز تفقد ثقتها في ذاتها، بل وربما تعكس مشاعرها السلبية على هذه الذات حتى في مواجهة أي عدوان خارجي، وبالتالي ينتج عنه سلوكيات سلبية يفسرها المجتمع وفق إطار نوعي بأن ما يحدث لأنها امرأة، بينما ذلك لا علاقة له بجنسها بل بالقمع الذي واجهته في طفولتها فقط لأنها أنثى، وبما استمرت العادات البالية من تكريسه لمنعها من التمتع بحقوقها الإنسانية.
لذلك فإنّ بداية التصحيح تكون بأن تعالج الذات الأنثوية وتتخلص من تشوّهاتها لتستطيع الكف عن العدوان الداخلي والخارجي.