تجاوبت هيئة السوق المالية مع الأصوات المطالبة بمقاضاة أعضاء مجلس إدارة شركة مجموعة محمد المعجل؛ وكبار تنفيذيها على خلفية مخالفات جوهرية يُعتقد أنها حصلت خلال مرحلة الاكتتاب؛ وما تلاها من تفريط في إدارة الشركة أدى إلى تبديد أموال المساهمين وتكبيدهم خسائر فادحة.
الدعوى القضائية التي رفعتها هيئة السوق ربما كانت مرتبطة بقضية المساهمين الرئيسة التي رُفعت للجهات القضائية؛ وتم تحويلها إلى الهيئة التي قامت بدورها المسؤول؛ في تحريك القضية ومتابعتها والادعاء رسمياً على مجلس إدارة المعجل «لمخالفتهم نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية، ولإثبات المسؤولية عن تعويض الأشخاص المتضررين من شراء الورقة المالية محل المخالفات».
يبدو أن قضية المعجل الرئيسة بدأت مع علاوة الإصدار التي يعتقد البعض أنها لم تتوافق مع التقييم العادل للسهم آنذاك؛ وشابها الكثير من الشبهات والاتهامات؛ التي لم تؤخذ على محمل الجد؛ حتى تفاجأ الجميع بالمخالفات المالية والإدارية التي كبدت الشركة خسائر فادحة تسببت في تعليق السهم عن التداول.
سجلت الشركة؛ حتى سبتمبر الماضي؛ خسائر متراكمة بلغت 2765.2 مليون ريال؛ وهو ما يعادل 221 % من رأس مالها؛ ما يعني أن التعامل مع خسائرها بات مستحيلا؛ وهو ما قطع الأمل بعودتها إلى الربحية والتداول.
هناك بعض الحقائق الثابتة؛ والكثير من الشائعات ذات العلاقة بأسباب تدهور شركة المعجل وتكبدها تلك الخسائر المتراكمة في مدة زمنية قصيرة. أعتقد أن القضاء هو الجهه الوحيدة القادرة على التعامل معها بعدالة؛ وهو الخيار الذي لجأت له هيئة السوق مؤخراً.
فتح ملف الشركات المساهمة بات أمراً ملحاً؛ بعد أن بدأت المشكلات المالية في الظهور؛ والتأثير السلبي على المساهمين؛ السوق المالية؛ والاقتصاد. توجه هيئة السوق في الادعاء على مجالس الشركات والتنفيذيين؛ وشركات المحاسبة القانونية سيؤصل لثقافة قانونية جديدة؛ وسيحد مستقبلا من التجاوزات.
ادعاء هيئة سوق المال على «المعجل» يمثل انتصاراً للعدالة؛ وللمساهمين الذين هُمِّش دورهم؛ وحُمِّلوا مسؤولية قرار الاكتتاب في الشركة؛ دون النظر لمخالفات الملاك؛ والمحاسب القانوني؛ والجهات الرقابية؛ التي يُعتقد أنها طالت عملية تقييم الشركة؛ وتحديد علاوة الإصدار؛ إضافة إلى المخالفات الإدارية وعلى رأسها «التفريط».
يبدو أننا أمام فصل جديد من المحاسبة القانونية في سوق الأسهم السعودية؛ وهو فصل يجب أن تتوسع فيه الهيئة وأن تضمن استمراريته دون توقف؛ فالمخالفات المالية المستترة توشك أن تتسبب في أضرار فادحة؛ ومدمرة للشركات المساهمة؛ والمستثمرين وسوق الأسهم السعودية.