جريمة ((الدالوه)) بكل أبعاد دمويتها وأهدافها الآسنة كشفت عن قوة وتماسك اللحمة الوطنية، وتلاحم أبناء الوطن بكافة طوائفهم وأطيافهم مثبتين: أن إستقرار وطنهم لا تنال منه جرائم عابرة وأن التفافهم حول وطنهم لا يؤثر على نسيجه أفراد شاذون فأمن الوطن الذي هو أمن أطفالهم، ومنبع استقرارهم ومرتكز اقتصادهم ((خط أحمر)) لا ينال منه إجرامي منْدحر.
عندما نقرأ أحداث مأساة قرية ((الدالوه)) في أحساء النخيل والخير والأمان نجد أن المأساة التي وقعت في هذه الواحة بلورت جوانب وطنية مضيئة تشي بتسامي الوطن وأبنائه على أي أحداث تريد أن تمس من أمنه وأمن كيانه، ومستقبل أبنائه وأطفاله.
وقد تجلّت هذه الأبعاد الوطنية في:
أولاً: توحد الخطاب الديني: السني والشيعي:
لقد بدا هذا التوحد في بيانين رائعين لهيئة كبار العلماء، ولمشائخ الطائفة الشيعية، إذ كلهم أجمعوا على تجريم الحادثة وتعارضها مع سماحة الإسلام وكلهم شجبوا أي فتنة تريد أن تمس أمن الوطن وإستقراره حيث أراد مرتكبوها إشعال فتنة طائفية - كما قال سماحة المفتي - ولكن الله أطفأها واتفق معه الشيخ حسن الصفار عندما قال: إن الرد على هذه الفتنة هو بتعزيز التلاحم ونشر ثقافة التسامح.
ثانيا: تصدّي أبناء الوطن ووقوفهم صفاً واحداً في وجه من يريد أن يفرق صفّهم، أو يمس نسيجهم الاجتماعي:
وقد تبلور ذلك في أبناء الأحساء الغالين بكافة مكوناته ونسائه ورجاله الذين رأيناهم كما عهدناهم صفاً واحد: سنة وشيعة حريصين متمسكين بوحدة وطنهم ولحمته، وبتعايشهم أبناء وطن واحد ومنطقة واحدة خلال العقود الماضية والقادمة بإذن الله.
ثالثاً: يقظة رجال أمننا:
كشفت هذه المأساة عن يقظة رجال الأمن وقدرتهم على الوصول إلى المجرمين، فخلال وقت وجيز تم - بعون الله - الوصول والقبض على مرتكبي الجريمة وفي عدد كبير من مناطق المملكة المتفرقة.
رابعاً: التلاحم بين أبناء الأحساء والوطن:
هذا التلاحم الرائع من كافة أبناء الأحساء والمواطنين عامة واتفاقهم على إدانة هذه الجريمة ومواساة أسر الضحايا الشهداء بإذن الله، كان هذا هو العنوان الأبرز لهذا التلاحم
وقد تجلى بأبهى صوره بمشاركة سمو الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية بوصفه مواطناً ومسؤولاً لأسر الشهداء وزيارته لهم ومواساته مع إخوته أمراء المناطق.
خامساً: الدرس الأخير: إدراك خطر الطائفية:
أدرك المواطنون الآثار المدمرة للطائفية التي راح ضحيتها عدد من أبناء الوطن الأعزاء، من مواطنين ورجال أمن مستذكرين ماذا جرت الطائفية من كراهية وأحقاد وتمزيق لمواطني على دول قريبة منا، حيث لا يتم التنقل بل ويتم القتل حسب الطائفية المذهبية أو الإقليمية أو الحزبية.
***
- من هنا يتوجب علينا جميعاً: علماء وخطباء وكتاباً ومربين وإعلاميين ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وقنواتنا التلفزيونية ومن رموز هذا الوطن على مختلف إنتمائهم المذهبي أن يوضحوا خطورة النزوع إلى الطائفية بكل أشكالها مبرزين آثار ونعم هذا الأمن الذي نعيشه - بفضل الله - ثم بفضل أننا نعيش تحت راية هذا الوطن متحابين ساعين لنماء وطننا ومستقبل أجيالنا تحت قيادة واحدة تظلّنا مظلة الإسلام الحق بكل سماحته وعدله.
حفظ الله وطننا من كل مكروه وسوء وفتنة وتفرق.
جدول حكمة
- ((إنني لأستحي أن أخشى مع الله أحد سواه))
- صدق! ما أبلغ هذه الرؤية للحكيم إسماعيل بن عمر
جداول للوطن
للشاعر المجيد حسن الزهراني
«أراك ظلا يبث الأمن في قلقي
أراك عزما يشب النار في وهني
وقامت الروح تتلو الشدو قائلة
سلمت من نائبات الدهر ياوطني»