قوة المملكة العربية السعودية داخلياً وعربياً وإقليمياً وإسلامياً ودولياً يتوقف تأثيرها على المقومات التالية.. الأول: إحكام القبضة الأمنية التي بواسطتها تضمن الأمن الداخلي وتأمين الحج وتأمين مصادر الطاقة وحماية حدود أراضيها، والثاني: الثروة النفطية التي تمتلكها فجعلتها قوة اقتصادية وسياسية صلبة مؤثرة نظراً للارتباط الوثيق بين الاقتصاد بالسياسة، فكل منهما يؤثر ويتأثر بالآخر، والثالث: مكانتها الدينية لأنها تعتبر العاصمة الدينية للعالم العربي والإسلامي.
ومن المؤكد أن المكانة الحضارية والدينية التي تتمتع بها السعودية تعتبر بمثابة قوة ناعمة لها تأثير لا يقل أهمية، بل ربما تفوق تأثير قوة الاقتصاد الصلبة.
وهذه القوة الحضارية والدينية تُفسر إلى حد كبير لماذا ظلت السعودية متماسكة وصامدة أمام موجات التغيير التي ضربت جوانب الوطن العربي وهزت أركانه. وهكذا نجد أن السعودية لديها مقومات القوة الفعالة في مواجهة التحديات العربية والإقليمية والدولية، بالإضافة إلى التحديات على الصعيد المحلي ومنها.. الأول: الاستمرار في مسيرة البناء والتطوير والتنمية والتقدم وفق خططها المرسومة، والتحدي الثاني: الاستمرار في مكافحة التطرف والإرهاب بجميع صوره وأشكاله، عن طريق السياسات والمبادرات والأعمال التي تتخذها الدولة ضد مختلف التهديدات على سياستها واستقرارها ومصالحها وأمن أراضيها وحدودها، من أجل المحافظة على الأمن الوطني للدولة، والتحدي الثالث: إذكاء الطائفية عبر وسائل الإعلام الحديث الذي يشكل إنذاراً خطيراً يوجب اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لسرعة إخمادها قبل أن يستفحل خطرها ويهدد الأمن الوطني، ولفظ الطائفية يتردد كثيراً جداً في العصر الحاضر بل ويعتبر من المصطلحات الحديثة، ويراد به التعصب الشديد والولاء لجماعة عرقية معينة أو مذهب ديني، والطائفية والوطنية لا تجتمعان، فلا يمكن أن يكون الإنسان طائفياً ووطنياً في نفس الوقت، وقد عبر سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي السعودية عن خطر الطائفية بعد الهجوم الذي استهدف المواطنين الأبرياء في الأحساء، حيث قال: (إنه فتنة وشر فعلة، افتعلها من يريد بها الشر والسوء، ويريد بها فتح باب النزاع الطائفى علينا، ليقتل بعضنا بعضاً، وأن ذلك عدواناً ظالماً غاشماً لا خير فيه، يجب أن يعاقب فاعلوه بعقوبة رادعة تؤلمهم).. والسرعة التي تمكن بها الأمن السعودي من القبض على مرتكبي جريمة الإحساء تمثل قدرة القوى الأمنية على المحافظة على الأمن الوطني، ويدل على أن إحكام القبضة الأمنية ركن أساسي تقوم علية القوة السعودية الفعالة في مواجهة التحديات على الصعيد المحلي والعربي والإقليمي والدولي. وعلى الصعيد العربي نجد أن ثورات الربيع العربي وضعت السعودية أمام عدة تحديات منها.. أولاً: الاضطرابات التي تعصف بالمنطقة لا توحي بقرب نهايتها أو عودة الاستقرار والأمن لها في ظل ممارسة الأنظمة القديمة لأساليب وحشية ضد شعوبها للبقاء على رأس السلطة مثل الرئيس بشار الأسد. ثانياً: الأنظمة السياسية المضطربة الحديثة الولادة التي أنجبتها الثورات العربية. ثالثاً: أواصر الصداقة والعلاقات القوية التي تربطالسعودية بالدول التي تعرضت للثورات العربية. رابعاً: وجود السعودية في قلب الأحداث ومجاورتها للاضطرابات والتحولات في اليمن والعراق.
وعلى الصعيد الإقليمي.. تواجه السعودية تحديات مثل تحول البرنامج النووي الإيراني من سلمي إلى عسكري يهدد أمن المنطقة. وعلى الصعيد الدولي.. تواجه السعودية تحدياً من التخبط والتردد في السياسات الأمريكية والكيل بمكيالين تجاه قضايا الدول العربية والإقليمية في الشرق الأوسط. ولأن السعودية تمثل العمود الفقري للعالم العربي والإسلامي والطاقة العالمية، تَبرز مكانة السعودية كأحد أهم الدول المؤثرة على المسرح العربي والإقليمي والإسلامي والدولي، فالسياسة الخارجية للدولة جزء لا يتجزء من الأمن الوطني، لذلك نرى السياسة السعودية مرسومة بخط في غاية الوضوح ويشكل علامةً دوليةً يُهتدى بها.. فقد عُرف عن القيادة السعودية التأني والتوازن والحكمة في اتخاذ القرارات.
والخلاصة إن إصرار الدولة السعودية يبدوا أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، على الاستمرار الحازم في إحكام قبضتها الأمنية وتوظيف قوتها الدينية الناعمة والاقتصادية الصلبة على نحوٍ فعالٍ في مواجهة التحديات الراهنة.