سجل سهم شركة اتحاد اتصالات «موبايلي» خلال جلسة التداول أمس أدنى مستوى له في عامين ونصف، متراجعا بالنسبة القصوى عند 58.50 ريال، حيث بلغت العروض على السهم نحو 7.4 مليون سهم، فيما بلغت التداولات على السهم أمس نحو 36 مليون سهم، كأعلى تداولات يشهدها سهم «موبايلي» منذ إدراجه في السوق السعودي في شهر ديسمبر عام 2004م. وبهذا يواصل سهم «موبايلي» هبوطه بالنسبة القصوى لثالث جلسة على التوالي، لتصل نسبة انخفاض السهم في أسبوع فقط إلى نحو 32 %. في المقابل، ارتفع سهم «سابك» بأكثر من 2 % عند 104.96 ريال، وصعدت أسهم «ساب» و»البلاد» و»الانماء» بأكثر من 2 %. وارتد مؤشر السوق السعودي في جلسة الأمس للارتفاع بعد خسائره الكبيرة في الجلستين السابقتين، وأغلق على مكاسب بنسبة 0.2 % عند 9649 نقطة (+ 20 نقطة)، بتداولات بلغت قيمتها نحو 7.3 مليار ريال.
يأتي ذلك فيما أعلنت «موبايلي»، عن قرار مجلس إدارة الشركة بالتمرير بتاريخ 2014/11/6 والخاص بالتوصية المقدمة بتاريخ 2014/11/5 بعدم توزيع أرباح نقدية عن الربع الثالث من العام المالي 2014. وأشارت «موبايلي» في بيان لها عبر «تداول» أمس أن قرار مجلس الإدارة بعدم التوزيع يخص الربع الثالث فقط، وستقوم الشركة بتقييم جدوى توزيع الأرباح عن الأرباع القادمة بما يتماشى مع أهداف الشركة وتطلعات المستثمرين.
بدورها تفاعلت الأوساط الإعلامية الدولية مع حدث «موبايلي» متناولة تأثيره على السوق المالية السعودية، وشبهت قناة CNBC الأمريكية في برنامج حواري اقتصادي مشكلة «موبايلي» بما حدث لشركة «إنرون» الأمريكية التي كانت تعد إحدى كبريات شركات الطاقة الأمريكية وأعلنت إفلاسها في كانون الأول/ديسمبر من سنة 2001 عقب إقرارها بممارسات محاسبية مريبة، واعتبر هذا الافلاس في حينه الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وأشارت القناة إلى أن مشكلة «موبايلي» تأتي في توقيت بالغ الحساسية حيث تتزامن مع انخفاض أسعار النفط، الأمر الذي يؤثر بشكل أو بآخر على أداء مؤشر سوق الأسهم السعودي. كما لفتت القناة إلى أن هذا الحدث من شأنه أن يضعف ثقة المستثمر الأجنبي القادم إلى السوق السعودي، كونها تلامس الجوانب التنظيمية والتشريعية المتعلقة بالرقابة ومؤشرات الشفافية.
إلى ذلك أكد عدد من المحللين الماليين والخبراء الاقتصاديين، ضرورة إسراع الجهات المختصة سواء في وزارة التجارة أو هيئة السوق المالية أو هيئة المحاسبين السعوديين، لتكليف مكتب محاسبة قانوني لمراجعة أرباح شركة اتحاد اتصالات «موبايلي» الحالية والسابقة، وإصدار بيان توضيحي مفصل عن الوضع المالي للشركة، إلى جانب كيفية تعويض المستثمرين عن خسائرهم المادية الكبيرة الناتجة عن أخطاء الشركة.
وأوضحوا خلال حديثهم لـ» الجزيرة» أن الأغلبية العظمى من المستثمرين ينظرون للشركة في الوقت الحالي بعين الريبة والشك من جميع النواحي، حيث سيعيد كثير منهم حساباته في مدى جدوى الاحتفاظ بها كاستثمار لمدة طويلة في ظل هذه المفاجأة غير المتوقعة من إدارتها، مشيرين إلى أنه يجب في الوقت الراهن إصدار بيان توضيحي مفصل ليس كالذي أصدرته شركة موبايلي في وقت سابق والذي اعتبره الجميع غامض جدا، وإنما يصدر من المحاسب القانوني للشركة ويكون تحت مسؤوليته، ويوضح فيها جميع الجوانب الصغيرة قبل الكبيرة التي تبين هذا أسباب إخفاقات الشركة وأخطائها.
وبين المحلل المالي وعضو جمعية المحاسبين السعوديين عبدالله البراك، أن قضية شركة موبايلي الحالية تعد مشكلة كبيرة، ولابد من سن أنظمة وقوانين صارمة لمثل هذه الحالات كي لا تتكرر هذه المشكلة مع شركات أخرى في السوق.
وقال البراك « من وجهة نظري أن المراجع المحاسبي للشركة يقع عليه جزء كبير في هذه القضية، وإذا ثبت تورطه في شئ منها، لابد أن يحاسب ويعاقب عقابا يصل إلى شطبه وسحب ترخيصه»
ولفت البراك إلى انه يجب في الوقت الراهن إصدار بيان توضيحي مفصل ليس كالذي أصدرته شركة موبايلي في وقت سابق والذي اعتبره الجميع غامض جدا، وإنما يصدر من المحاسب القانوني للشركة ويكون تحت مسؤوليته، ويوضح فيها جميع الجوانب الصغيرة قبل الكبيرة التي تبين هذا الإخفاق، حيث أصبح هناك عدم مصداقية في أرباح الشركة ليس للربعين الماضيين وحسب، وإنما أرباح الشركة في الأعوام السابقة، أما إذا كان المراجع المحاسبي هو نفسه السابق للأعوام الماضية، فلابد على كل من وزارة التجارة وهيئة المحاسبين السعوديين وهيئة السوق المالية أن تفرض على الشركة مكتب محاسبة جديد يراجع أرباح الشركة الحالية والسابقة والتأكد منها.وأكد البراك، أنه على الجميع أن يعي أن شركة موبايلي هي شركة مساهمة عامة لابد أن تكون بياناتها التوضيحية جلية ومفصلة لكون شأنها شأن عام، وما حدث لها تسبب للكثير بخسائر مادية كبيرة خصوصا من لديهم تسهيلات من البنوك على سهم هذه الشركة، كما انه يجب على المتضررين من سهم الشركة اللجوء إلى القضاء والمطالبة بحقوقهم، لان شركة اتحاد اتصالات «موبايلي» شركة مساهمة عامة وليس لها أي مجال للخطأ.وعلى الصعيد ذاته، أكد المحلل المالي والخبير في الأسواق المالية،هشام الوليعي، أن هيئة سوق المال لديها الأنظمة والتشريعات التي بمقدورها فرض الرقابة على عمل الرؤساء التنفيذيين في الشركات المساهمة، حيث يضمن ذلك نظام حوكمة الشركات، لكن الحاجة الملحة تكمن في التحرك السريع وعدم التسويف، إذ إن التراخي في تلاعب بعض تلك الشركات يؤدي في النهاية إلى عدم ضمان جدوى الإستثمار في السوق المالي، وبدون تفعيل الرقابة والتدقيق على بعض العمليات المشبوهة التي يراها المستثمر هاضمة لحقوقه وتؤدي بعض الأحيان إلى خسائر فادحة يتحملها حيث تم بناء القرار الإستثماري وفقاً لقوائم مالية مدققة تم إجازتها والموافقة عليها. وتطرق الوليعي إلى أن الواجب على مجلس إدارة الشركة المكاشفة مع المستثمرين ومالكي الحقوق، ويجب أن يحاسب المتسبب في ذلك، إلى جانب طلب مزيد من التدقيق على الأعوام السابقة وعرضها على الجمهور لتعود الثقة من جديد.
من جهته، بين المحلل المالي والخبير في الدورات الاقتصادية مساعد السعيد، أن تأثير شركة موبايلي على السوق يعتبر واضح جدا من خلال هز ثقة المستثمرين في شركه كان ينظر لها على أنها من النماذج الاستثمارية الناجحة.وقال السعيد « للأسف الأغلبية العظمى من المستثمرين ينظرون للشركة في الوقت الحالي بعين الريبة والشك من جميع النواحي، وسيعيد كثير منهم حساباته في مدى جدوى الاحتفاظ بها كاستثمار لمدة طويلة في ظل هذه المفاجأة غير المتوقعة من إدارتها.
وأضاف «من ناحية قانونية صفقات الشركة قبل تعليق أسهمها، فيحب تطبيق مبدأ الشفافية والنظر للكميات الكبيرة المباعة، وهل هي تخص أحداً من أعضاء مجلس إدارتها أو أحد مديريها التنفيذيين أم لا؟». وأشار السعيد إلى أن اقتراح المحلل المالي والخبير الاقتصادي محمد العنقري في وقت سابق حول إنشاء جهاز رقابي محاسبي على الشركات المدرجة يعتبر مثاليا في الوقت الراهن، ويساند هيئة سوق المال، حيث سيكون مستقلا وله صلاحيات واسعة تعالج مثل هذه الجوانب، بالإضافة إلى أن هذه الهيئة ستكون بمثابة حماية للسوق المالية التي ستفتح قريبا للمستثمر الأجنبي.
وكان عدد من الخبراء في الأسواق المالية، قد دعوا خلال حديثهم لـ»الجزيرة» أمس، هيئة سوق المال إلى التحقيق ومراجعة صفقات شركات اتحاد اتصالات «موبايلي» قبل إعلان تعليق أسهمها عن التداول واكتشاف صفقات البيع التي قد تكون تمت على معلومات داخلية أضرت بباقي المستثمرين، مؤكدين أنه يجب على هيئة سوق المال تطبيق الأنظمة بحزم على الإدارات التنفيذية بجميع الشركات ومحاسبتهم بجدية لعدم تكرار مثل هذه الأخطاء التي أضرت بالمستثمرين كثيراً، وبذلك يكون ضررها على مجمل السوق المالي، لكون التراخي في ذلك يفقد المستثمر ثقته، ويعد أمرا طاردا للسيولة الاستثمارية.