عاد فريق الهلال السعودي من سدني العاصمة الأسترالية بخسارة تجير وفق آليات مباريات الذهاب والإياب لصالح الفريق الأسترالي الذي يجيد الطريقة الدفاعية وإغلاق المنافذ المؤدية إلى المرمى أكثر من «الطليان» ملوك الكرة الدفاعية، ويملك حارسا عملاقا لا يترك كرة شاردة أو واردة إلا وأنقض عليها.في سدني أضاع الهلاليون في نظري 70 % من الحلم. لعل الأسباب كثيرة ومنها التعاطي الإعلامي «الأخرق»، والرحلة التي أشبه ما تكون بالسياحية لبلاد «الكنغر». أضف لهذه الأسباب تكتيك المدرب إذ اكتفى بالسيطرة الميدانية السلبية أغلب دقائق المباراة دون خطورة حقيقية سوى من بعض الكرات الطائشة التي تنتهي إما إلى الخارج أو في أحضان الحارس «أنتي كوفيك» في وقت استثمر الفريق الأسترالي إحدى فرصه القليلة ليسجل هدفا وحيدا هو ما كان يبحث عنه مدربه مع منع الهلال من التسجيل بأي طريقة كانت.
في الطريق من سدني عاد الهلال محملا بالخسارة والإرهاق البدني والنفسي وسلبيات رحلة الذهاب البدائية. كان المتوقع القضاء على السلبيات لضمان مباراة إياب أفضل. إدارة الهلال أدركت أن المعسكر المفتوح في أستراليا من أسباب الخسارة فأغلقت المعسكر في محاولة لإبعاد اللاعبين عن الأجواء العاصفة، وعزلهم عن الإعلام. كان ممكنا نجاح هذا التوجه لولا أن مسئولا قياديا من نادي الهلال إضافة للإعلام ومدرب الفريق قد نقلوا المباراة من الملعب لخارجه لتشتعل الأجواء وتتزايد وتيرة الاحتقان وعلى أثر تلك الممارسات غير المسؤولة انقسمت الجماهير السعودية إلى مع الهلال وضده. المسئول الهلالي قليل الخبرة حرض جماهير فريقه بطرد أي مشجع غير هلالي يدخل المدرج يوم المباراة، ومدرب الفريق فجر تصريحا غير مبرر حين وصف فريق وسترن سدني بالفريق الصغير.
حتى مشايخ التويتر والفضائيات دخلوا لحلبة الصراع المتفجر وأقحموا الدين وطرحوا أراء فجة وانقسموا بين من يرى تحريم مساندة فريق أجنبي ضد فريق وطني ومن لا يرى ذلك. حتى الوطنية حشرت في صراع كرة القدم بوصف من يقفون ضد ممثل الوطن بالخونة وكأننا في حروب ضروس. ولأن مباراة نهائية أشبه ما تكون بالكعكة اللذيذة التي يسعى كل « مشفوح « لالتهام نصيبه منها فقد دخل مفسروا الأحلام في الصراع وفسروا المنامات بما يوافق أماني الجماهير وبما يغريهم لحضور اللقاء المرتقب.
أهم الأسباب في نظري الإعلام الرياضي وخاصة المحسوب على نادي الهلال فقد انفلت هذا الإعلام ففرق الجماهير السعودية ولم يحاول جمعهم ليقفوا صفا واحدا خلف ممثل الوطن. أحد الإعلاميين المخضرمين طمأن الجماهير بأن ثلاثية هلالية تنتظر فريق سدني في حين وصف آخر الفوز بالنهائي بأنه مسألة وقت، عدا ترويج مفردات تزيد الشحن مثل لقاء الموت، واللقاء الانتحاري، والفريق حتى وإن كان في معسكر مغلق إلا أن الأجهزة الذكية بأيدي جميع اللاعبين يتصفحون من خلالها كل ما يدور لذلك دخلوا اللقاء متوترين غلب على أدائهم التسرع وضعف التركيز والشد العصبي وهي عوامل أفقدتهم البطولة.
الفريق الأسترالي وصل من سدني دون ضجيج واضعا أمامه مطلبا واحدا بأن لا يدخل مرماه أي هدف فتحقق له ما أراد. فريق لعب وفق إمكاناته فظفر بأكبر إنجاز في تاريخه.
لم يبق للهلاليين الآن إلا دراسة الأسباب التي أبعدتهم عن البطولة لتلافيها في المرات القادمة وإلا فإن ليلهم سيطول في انتظار معانقة الحلم الكبير.