في المملكة العربية السعودية دون غيرها - حسب علمي - لا يوجد في نظام الأحوال المدنية تصنيف للمواطنين إلى مواطن من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة مثلما يوجد في إيران مثلاً، بوضع من هم من أصل فارسي في الدرجة الأولى، وغيرهم من عرب وبلوش في درجات ثانية وثالثة.. في السعودية إما أن تكون مواطناً سعودياً، يحمل بطاقة الأحوال المدنية، متمتعاً بحقوق المواطنة كافة التي تكفلها الدولة لمواطنيها كافة دون استثناء، ودون النظر لمناطقية أو اختلافات عقائدية وفكرية أو طائفية.. لذلك كل المواطنين السُّنة والشيعة على حد سواء يحملون هوية وطنية موحدة. عندما تراجع أي دائرة ذات اختصاص ونحوها لا يسألك الموظف المختص عن عقيدتك أو فكرك، وإنما فقط عن بطاقتك أو الرقم المدني، وكذلك عند نقاط التفتيش، ومتى ما كانت أمورك نظامية فلن يعترض سبيلك أحد.
مسألة الحقوق مكفولة للمواطنين الشيعة مثلما هي للسُّنة، دون النظر للسُّنة على أنهم غالبية، والشيعة على أنهم أقلية. مثلما يجري على هؤلاء ينسحب على أولئك؛ فالكل إخوة في المواطنة. هل حُرم الشيعي من حقه في التعليم والإقراض من الصندوق العقاري والعلاج في مستشفيات الدولة والتوظيف في القطاعات الحكومية والخاصة وغيرها من حقوق توفرها الدولة للجميع؟ وإن حدث نقص فهو على الجميع.. من لديه حالة ولو واحدة من الذين يدعون الظلم والقهر فليبرزها، ويذكرها بدلاً من الكلام الإنشائي المفتقر للمصداقية، عديم الفائدة، قليل النفع.
أمام تلك الحقوق فيجب على الجميع الاجتهاد لخدمة الوطن والإخلاص له.. أي مواطن شيعي يعيش على هذه الأرض هو ابن لهذا البلد، والدولة تعامل أبناءها على قدم المساواة ما لم ينحرف أحد هؤلاء الأبناء، ويتجاوز الخطوط الحمراء المتعارف عليها في كل الدول، وفي مقدمتها الدين والأمن والسلطة الرسمية. الدولة في مسألة الأمن لا تفرق بين أحد، وليس لأحد حظوة.. فمنذ ابتُلي الوطن بالإرهاب طالت الملاحقة كل عناصر التخريب، ومنهم عدد كبير من أهل السُّنة، نُفّذت فيهم أحكام مشددة.
الجانب السني، وكذلك الشيعي، يوجد في كليهما متطرفون ومثيرون للعداوات والأحقاد والكراهية.. لكن أي متطرف لا يقاس عليه؛ فهناك عقلاء يدعون الجميع للتعايش. وقد أعجبني كلام فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع - وهو من الذين يمثلون تيار الوسط في الجانب السُّني - حين وجَّه هذا الأسبوع رسالة لأبناء الطائفة الشيعية، قال فيها: «أوجِّه نداء ودعوة إلى الشيعة، أنتم إخوة لنا في الوطن، وجميعنا نتوجه إلى إله واحد، وهو خالقنا وصاحب الحقوق علينا سبحانه وتعالى. وأدعوهم للتكاتف مع إخوانهم لإفساد مخططات الأعداء، والتعاون في حماية هذه البلاد وأمنها واستقرارها».
القبض على إرهابيين شيعة والحكم على أي منهم لا ينبغي أن يدفع البعض من الشيعة لتحريض الشارع الشيعي المتعايش والمتسامح، وإيهامه بأنه مظلوم ومسلوب ومنهوب. الجميع تحت النظام، وتجاوز الخطوط الحمراء أمرٌ محرَّم.. عبارة يجب على كل عقلاء الشيعة من مشايخ وغيرهم استيعابها، وتوجيه أبنائهم بالإخلاص لوطنهم، والبُعد عن كل المظاهر والتجمعات غير اللائقة بهم خدمة لأهداف خارجية.