لو احتسبنا عدد المسؤولين التنفيذيين القادمين من شركات أخرى، ممّن يولون اهتماماً خاصاً لمراكز تطوير الإدارة التابعة لمجموعة «جنرال إلكتريك»، لتنبّهنا إلى زيادة الاهتمام باستحداث جامعات مؤسسية. ومع أنّ هؤلاء الزوّار يشعرون دوماً بالحيرة إزاء ما يلحظونه من التزام وتعلّق بمهمّة محدّدة، يركّز كثيرون منهم على مقاييس تقليديّة على غرار عدد الصفوف، وعدد المشاركين سنوياً، والتكاليف. وفي بعض الأحيان، لا يسعهم أن يفهموا أنّ الجامعة المؤسسية قد تُستعمَل، لا بل يجب أن تُستعمَل كأداة لتوجيه التغيّر الاستراتيجي والثقافي، ولريادة النمو الفردي والجماعي. وفي ما يلي بعضٌ من المبادئ التي تعتمدها «جنرال إلكتريك» لتحقيق هذه الأهداف الأساسيّة:
-من الضروري أن يعكس معهد قياديّ مُثُل القيادة في الشركة: وبالتالي، تتمثّل نقطة انطلاق أساسيّة بتوخّي الوضوح إزاء ما تدافع عنه جامعة مؤسسية من أفكار. أمّا شركتنا، «جنرال إلكتريك»، فتستغلّ جامعتها المؤسسية «للإلهام، والتوصيل، والتطوير»، ويجتمع فيها موظّفون من المرتبات كافّة، ومن شركاتنا ومناطق تواجدنا كلّها.
-يُعتبر الالتزام العميق بالقيادة ضروريّاً: ليست المقاييس السطحيّة، على غرار عدد الصفوف أو المشاركين أو حتّى التكاليف مؤشراً فعلياً عن القيمة، وثمّة مزايا أعمق، وبعضها غير قابل للقياس، تُعتَبَر ضروريّة لتحقيق النجاح. ومن أهمّ هذه المزايا كيفيّة تعاطي كبار القادة مع المشاركين، لإلزامهم بعمليّة التعلّم. ونذكر في هذا السياق أنّ جيف إيميلت، رئيس مجلس إدارة «جنرال إلكتريك» ورئيسها التنفيذي، يمضي أكثر من ثلث وقته على تطوير القيادة – فيحدّد النبرة التي يجب أن يعتمدها القادة في مركزنا البارز في كروتونفيل، نيويورك، وحول العالم. وعلى سبيل المثال، قدّمنا أكثر من 100 دورة في مجال تطوير الإدارة لمسؤولين من الإدارة الوسطى منذ أن تبوّء إيميلت مقاليد القيادة في العام 2001، وقد شارك فيها جميعاً، باستثناء دورة واحدة.
-التجربة لا تقلّ أهمّيةً عن المضمون: في حين يُعتبر المضمون الممتاز بالغ الأهمية، يُعطى قدر مماثل من الاهتمام لتوفير بيئة وتجربة تعليميّة مناسبتين. وبالتالي، ننظّم التجربة التي يختبرها المشاركون بطريقة تسمح لهم بالانغماس في رحلة التعلّم التي يخوضونها. ويسعى الجميع، بدءاً بالعاملين في الضيافة ومروراً بالطاقم العامل في الكلّية، لاستحداث بيئة من الحماسة والتعلّم والتواصل.
-هي مسألة جدارة أكثر منها مسألة تسلسل هرميّ: نريد من المشاركين أن يكونوا منفتحين على التعلّم من كّل ما يحيط بهم وعلى الاستفادة من الجميع. وبالتالي، يُعتبر كلّ من يأتي إلينا طالباً، وأستاذاً، ومدرّباً، تماشياً مع فلسفتنا القياديّة وشعارنا الذي يقول، «جميعنا نرتقي». وبالتالي، جعلنا المناسبات كلّها مفتوحة للجميع، وحتّى مبنى الإقامة يعكس وجهة نظر قائمة على المساواة، إذ إنّ دور السكن متشابهة للجميع، بغضّ النظر عن مرتبتهم. ويُعتبر جميع المتعلّمين متساوين، والهدف الرئيسي هو التعلّم.
من السهل توفير مكان تقام فيه جامعة مؤسّسيّة، بيد أنّ الصعوبة تكمن في بثّ ثقافة الشركة أو روحها في نفوس المتعلّمين. ولكن في النهاية، قد تؤدّي الجامعة المؤسسية دوراً أساسيّاً في تحديد مستقبل الشركة.