يا طفلة تحت المطر!

بدر بن عبدالمحسن أحد أهم رواد حركة التجديد في الشعر الشعبي الخليجي بل لعله الأول في هذا المجال.. لكن الأكيد أنه الأشهر والأهم والأكثر نضجاً ووعياً للتجديد في الشعر الشعبي الخليجي.. الشواهد على ذلك كثيرة والبراهين واضحة ونصوص البدر معروفة ومتداولة لمن يريد أن يرصد نمو القصيدة الشعبية المعاصرة وتمرحلها.

اخترت لكم نموذجاً واحداً من نماذج كثيرة تدل على تفرد البدر وريادته في النص الشعبي المعاصر.. قبل ثلاثين عاماً تقريباً كتب بدر بن عبدالمحسن قصيدة مشهورة تخطت راهنها بمراحل وتجاوزت قوالب الشعر السائد آنذاك وفتحت آفاق رحبة للشعراء من حيث الأفكار والصور واللغة وأنبتت مشاتل ورد في صحراء ألفت الجفاف ونوعاً خاصاً من الشجر!

القصيدة التي أعنيها هي قصيدة (يا طفلة تحت المطر) التي شدا بها الراحل طلال مداح وصاغها البدر بكل حرفنة واقتدار.. والقصيدة رغم انعتاقها من النسق التقليدي السائد من حيث الشكل والبناء الهندسي للشعر المعروف حينها إلا أنها حملت في مضمونها لغة وصوراً وأفكاراً جديدة تجاوزت المألوف في وقتها وبمراحل وهي ليست استثناء في قصائد بدر فمثلها كثير.. يقول بدر:

يا طفلة تحت المطر...

تركض واتبعها بنظر..

تركض تبي الباب البعيد..

تضحك على الثوب الجديد

ابتل وابتل الشعر...

لو رميتي شالك الدافي على متن السما..

دفيت الشمس في فصل الجليد..

لو نثرتي صوتك الحاني.. على صدر الضما

أنبت العشب وأخضر الجريد..

وكما قرأتم القصيدة ومعها مجموعة من القصائد كانت مغامرة جريئة وجميلة ورائدة من الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن.. وبرغم حداثة هذا الطرح الشعري فقد حققت هذه القصيدة نجاحاً كبيراً وانتشاراً واسعاً بين كل أوساط المتلقين.. وفتحت آفاقاً واسعة للشعراء الشعبيين ودلتهم لعوالم لم يألفوها من قبل.

تجربة بدر بن عبدالمحسن الشعرية تجربة غنية وثرية وواعية وتحتاج لأكثر من باحث يسبر عمقها ويستقرئ مراحلها..