تفشت الأمراض بأنواعها..
وبات أمر الطوارئ لازماً، وملزماً به كل الأفراد دون تقاعس، ولا تبرير لأحدهم..
إذ أصبح المتوقع أن تستيقظ على من يصرخ بحثاً عن أحد والدين مزقا جسد صغيرهما، صورته تلمح بأنه لم يتجاوز سن الرضاع..
أو على خبر رجل زج بأمه في السجن النفسي لبالغ عقوقه بضربها.. وتعذيبها..
أو عن فتاة هربت مع غير محارمها لتصبح دمية يتخانقون من أجلها فتتنقل من حديقة لبيت, ومن مدينة لأخرى معهم..
أو على وكر خمور يصنعها مفسدون تنزهوا من الرقابة الذاتية، في غفلة عن عين لا تغفل، وباستهتار بعين الرقيب..
أو على صاحبين اختلفا فصدم أحدهما الآخر حتى الموت..
أو على أب يحرق ابنه ولا يبالي كأنه قطعة نسيج بالٍ..
أو على آخر يطلق الرصاص على شباب فلذته بلا رحمة..
أو على فتيات يضربن عرض الحائط بالأنظمة والأعراف، فيستقللن دبابات خلف قائديها في أوسع الطرق وأكبرها ظناً منهن أن هذا حق مباح..
أو على أخرى تقود ليلاً عربة دون أن تتقلد رخصة قيادة ضاربة بالنظام صفحاً..!
أو.. أو.. والصفحات تمتلئ والأمراض تتضاعف وتنمو وتتكاثر جراثيمها..
المتمردون بأغلاطهم مريضون..
لأنهم يخرجون عن الخط المتعارف عليه, والمقر في النظم الدينية, والاجتماعية, والمدنية.. بل في المواثيق الإنسانية تحديداً..
هذه الأمراض, وسواها، تفت في عضد الأمل بأن الانفتاح على ما يقال بأنه تنوير, وتصحيح, ويقظة, إنما حط بغربانه, وبجراثيمه أكثر مما حط بخيره, وجماله..
ناهيك عن كل حدث نصبح ونمسي عليه من جراء سلوك هؤلاء الصارخين, ولكن في إيلام، والناعقين، ولكن في ضلال..!
.. على أن هناك ما يبلسم ويشفي الأمل من جروحه، هناك صغار أنقذوا آباءهم من الحريق, وهناك من ينقذ أهله ويموت, وهناك من يفشي الرحمة بين الناس ويكتم, وهناك من يسعى لإصلاح ذات البين ويتخفى، وهناك من يحتمل وعثاء الظلام الذي يتخبط فيه كثير من الناس ويدعو..
ألا يحق أن تقام مصحات داخل كل بيت لدرء الأمراض التي حلت؛ كيلا تتفاقم بين الجيل فيستسهلها.. ويمضي.. ويتقبلها ويتبلد..؟!