إذا كان قد وصل عدد المسنين المصابين بمرض الزهايمر في المملكة إلى مليون حالة، من أصل 20 مليون سعودية وسعودي، فإن هذا الرقم يرفع شارة الإنذار إلى أن القادم أصعب مع مرض شبه مجهول وكذلك آلية العمل معه قد لا تبدو إلى اليوم واضحة للناس على عكس مرض السكر وضغط الدم وغيرهم من الأمراض الشائعة. هذا الرقم المخيف يعني أن ثمة استقراءات مستقبلية تنذر بتضاعفه، والأدهى والأمر هو عدم وجود مراكز تخصصية لهذا المرض، إنما عيادات متفرقة على جنبات بعض المستشفيات ولا تقبل المريض من هذا النوع إلا بعد جلب كل أنواع الواسطة.
ما دمنا قد وصلنا إلى هذه المرحلة المخيفة في مرض الزهايمر فما الذي يمنع أن يتم افتتاح مصحات يقيم بها هؤلاء المرضى المسنين وتعمل على وقايتهم من تضاعف الأمراض المصاحبة للزهايمر مستقبلاً، كما أنها تستحدث كمكان نموذجي يُعالج من الناحية الصحية والنفسية والوقائية. نعلم جيدًا أننا في زمن (نفسي.. نفسي) وإن بارك الله في بنت أو ولد لرعاية المصاب لديهم بالزهايمر فلن يبارك في الآخرين الذين سرقتهم عجلة الزمن وأبعدتهم عن أهاليهم، وما دار المسنات والمسنين عنّا ببعيد. أليست وزارة الصحة يُفترض أن تكون هي الجهة الملزمة برعاية هؤلاء المرضى، خصوصًا وأن من الأعراض المصاحبة للزهايمر هو السلوك العدواني، والذي قد يكون من الصعب التعامل معه بعيدًا عن المختصين، بل إن وصول المريض إلى هذا السلوك يعني أنه لم يتلقَ الرعاية النفسية المناسبة التي تقيه هذه السلوكيات.
في واقع الأمر، ولأكون أكثر صدقًا معكم، نحن نعيش في حالة تقصير عامة مع كبار السن، لا من ناحية حقوقهم التقاعدية، ولا من ناحية حقوقهم الصحية ولا النفسية. لا أتصور أن مصحة متكاملة لكبار السن من مرضى الزهايمر سوف تؤثر كثيرًا على ميزانية ضخمة كميزانية وزارة الصحة، إنما نحن بحاجة إلى تذكير هذه الجهات بالذات وأن المتخصصين يخرجون لنا بأرقام فلكية تثير في نفوسنا الرعب والخوف من المستقبل.
أضف إلى ذلك، أن الأبحاث الطبية تؤكد بأن ظهور أولى علامات مرض الزهايمر تبدأ مع سن الأربعين، فلماذا لا يكون هناك حملات توعوية وصحية للكشف المبكر ليعلم الشخص الذي قد يكون مصيره الزهايمر من وقت باكر ويبدأ العمل على نفسه لتأخير ظهور علامات النكسة التي قد تُباغت المصاب وأهله بشكل مفاجئ!
الزهايمر من الأمراض المرعبة، والمخيف في هذا المرض بشكل أكبر، هو عدم وجود الاهتمام الكافي به، وللأسف أقولها بصراحة، إن ضعف الاهتمام هو بسبب أن من يُصاب بالزهايمر هم من كبار السن، ونحن نعيش في ثقافة مجتمعية تعززها الأنظمة في أن الإنسان بعد التقاعد لا فائدة منه، ولا رعاية له بدليل عدم وجود تأمين صحي لمن تجاوز الستين إلى اليوم!