لبى ملايين التونسيين أمس الأحد نداء الواجب بتوجههم منذ الساعة السابعة صباحاً إلى مراكز الاقتراع بغية الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية الثانية بعد الثورة، حيث سينتخبون 217 نائباً بالبرلمان الجديد أوسط تعزيزات أمنية مشدّدة في كامل أنحاء الجمهورية. ومن المؤمل أن يشارك في العملية الانتخابية أكثر من 5 ملايين ناخب ويذكر أن عدد القائمات المترشحة للتشريعية بلغ 1329 قائمة حزبية وائتلافية ومستقلة موزعة على 33 دائرة انتخابية، 27 دائرة داخل تونس و6 دوائر في الخارج. وكان أحد أعضاء الهيئة المستقلة للانتخابات صرح بأنه إلى غاية ظهر يوم أمس الأحد لم تتجاوز نسبة المقترعين بالخارج30 بالمائة، حيث سجلت بعض الإشكاليات الحاصلة على مستوى عدم وجود أسماء عشرات المقترعين التونسيين في القائمات الانتخابية جراء عدم قيامهم بعملية التسجيل الإرادي في الإبان..
وكانت مراكز الاقتراع بالجهات الداخلية شهدت إقبالا متوسطاً خلال ساعات النهار الأولى في انتظار ارتفاع النسق خلال النصف الثاني من اليوم باعتبار أن يوم الأحد هو يوم العطلة الأسبوعية بالنسبة للتونسيين الذين يستفيق أغلبهم في وقت متأخر ولديهم مشاغلهم التي يقضونها خلال الصباح كعادتهم.
وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار، أعلن أن عدد الملاحظين الذين تم اعتمادهم بلغ 22 ألف ملاحظ، من بينهم 600 ملاحظ دولي، بالإضافة إلى عدد من الضيوف ومن ممثلي البعثات الدبلوماسية الذين أمكن لهم التنقل أو التوزع على قرابة 11 ألف مكتب. وقال إن ملاحظة العملية الانتخابية تمت كذلك عن طريق قرابة 60 ألفاً من ممثلي القائمات الذين نشطوا في مكاتب الاقتراع لتأمين الملاحظة لفائدة المترشحين.
وكان شفيق صرصار رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات من أول من أدلى بصوته ليتفرغ إثر ذلك إلى المتابعة المباشرة لعمليات الاقتراع في عدد من المراكز، حيث أكد عقب ذلك بأنه مرتاح للإقبال الكثيف من قبل الناخبين على مراكز الاقتراع منذ اللحظات الأولى لافتتاحه، وأضاف صرصار أنه عاين هذا الإقبال خلال زيارته لعدد من مراكز الانتخاب ووقوفه على طوابير الناخبين المصطفين أمام مكاتب الاقتراع لأداء هذا الواجب مشيراً إلى أن العملية الانتخابية انطلقت في ظروف طيبة.
أما رئيس حركة «نداء تونس» الباجي قائد السبسي فصرح بعد الإدلاء بصوته وسط تعزيزات أمنية مشددة وانتشار مكثف لوحدات الجيش والأمن الوطنيين وحضور لافت للإعلاميين المحليين والدوليين بأن الاستحقاقات الانتخابية هذه تعتبر مؤشراً هاماً لتونس في اتجاه الاستقرار السياسي والأمني»، معبراً عن تقديره لجهود الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تنظيم الانتخابات التشريعية التي تمثل «قاطرة إرساء مؤسسات الدولة والخروج من المرحلة الانتقالية نحو مرحلة البناء والتطلع نحو المستقبل الأفضل للأجيال القادمة.
من جهته، قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بأن التونسيين اليوم في عرس انتخابي وأنهم شعب متحضر وأهل للديمقراطية معبراً عن أمله في أن ينعكس هذا الحدث الهام خيراً وتنمية واستقراراً وأمناً على تونس، وعبر الغنوشي عقب تصويته مباشرة، عن شعوره بالفخر والاعتزاز بالانتماء لتونس التي يراها «منارة الربيع العربي». وأثنى بالمناسبة على تضحيات شهداء الوطن الذين قال عنهم بأنهم «قدموا أرواحهم فداء من أجل أن نصل إلى هذا اليوم التاريخي».
وأكد الغنوشي أن الانتخابات ستنقل البلاد من معركة الحرية إلى معركة التنمية من أجل القضاء على البطالة وتطوير الاقتصاد والمنظومة التعليمية والثقافية والإعلامية.
ويرى متتبعون للشأن المحلي بأن المعركة الانتخابية لم تنته بل إنها بدأت فعلياً أمس في انتظار أن تصدر نتائج عمليات الاقتراع على أمل أن يتقبلها كل الفرقاء السياسيين بروح من الديمقراطية التي تدل على سعة صدر المتحزبين والمستقلين وتساهم بالتالي في طي صفحة الانتقال الديمقراطي نهائياً.
ويأمل التونسيون في أن ترافق عملية نشر النتائج الأولية مشاعر الارتياح التي عمت الصدور كامل يوم أمس، وأن يرضى كل طرف بما حمله صندوق الاقتراع من نتائج هي في الحقيقة اختيار الشعب التونسي وصوته المسموع والحر.