سيكون التونسيون على موعد مع الانتخابات التشريعية يوم الأحد القادم بعد أن يكون المترشحون المستقلون والمتحزبون قد خضعوا ليوم الصمت الانتخابي الموافق السبت القادم. ومن المتوقع أن يتوجه أكثر من 5 ملايين ناخب إلى مراكز الاقترع للإدلاء بأصواتهم، واختيار 217 نائباً للبرلمان الجديد من جملة 1327 قائمة، منها 472 قائمة لمترشحين مستقلين و158 قائمة حزبية وائتلافية.
وقد تولت الهيئة المستقلة للانتخابات فتح 33 دائرة انتخابية، 27 منها في تونس، و6 في الخارج، لتمكين الجالية التونسية المقيمة في الدول الأوروبية وفي أمريكا وفي الدول العربية من القيام بواجبها الانتخابي.
وتخوض الأحزاب السياسية غمار الانتخابات التشريعية بعد أن نظمت حملاتها الانتخابية في إطار ما يسمح به القانون الانتخابي؛ إذ تنقل مرشحوها إلى المناطق الريفية والنائية كافة التي يوجد بها المقترعون ناثرين هنا وهناك وعوداً قد يصعب عليهم بعد فوزهم تحقيقها لأسباب خارجة عن نطاقهم.
إلا أن المتتبعين للشأن المحلي يرون أن ما ميز الحملات الانتخابية للأحزاب كافة لم يكن الشفافية ولا النزاهة بقدر ما سقط المترشحون في فخ التطاحن والصراع السياسي، مع إغفالهم التركيز على برامج أحزابهم للفترة القادمة. ويعتبر أغلب المحللين أن الساحة السياسية التي شهدت دخول أحزاب جديدة وإن كانت تتضمن أقدم المناضلين السياسيين من أزلام النظام السابق، على غرار حركة نداء تونس التي تعج بالتجمعيين والدساترة، من شأنها أن تغير الخارطة النهائية لنتائج الانتخابات التشريعية، بما سيكون له التأثير في توزيع أصوات الناخبين.
فلا أحد ينكر أن نداء تونس الذي وُلد بعيد انتخابات أكتوبر 2011 أضحى يحتل المكانة الثانية بعد حركة النهضة، من حيث حجمه وعدد مناصريه وحتى الضجيج الذي يحدثه قياديوه في الفضاءات العمومية. ومن هنا، فإن القول بأن المشهد السياسي بعد الانتخابات سيكون مغايراً تماماً لما كان عليه بعد انتخابات 2011 التي سجلت أعلى رقم على مستوى القائمات المترشحة للتشريعية بـ1517 قائمة قول سديد، يستند إلى الموضوعية بالنظر إلى ولادة أو تفريخ عدد من الأحزاب الجديدة ذات المرجعية التجمعية، نسبة إلى حزب التجمع المنحل لابن علي، أو الدستورية نسبة إلى الحزب البورقيبي.
وهي أحزاب لم تكن موجودة على الساحة، بل لم يُسمع لقياداتها صوتٌ طيلة السنوات الأربع الماضية، إلا أنها عادت بقوة إلى الساحة السياسية بعد سقوط مشروع إقصائهم من المشهد السياسي بفضل حرص حركة النهضة ذات الأغلبية في المجلس التأسيسي على إعادتهم إلى النشاط السياسي. وهذه الأحزاب المتعددة التي تستند إلى المرجعية التجمعية والدستورية نفسها أصبح من الواجب اليوم قراءة ألف حساب لها، خاصة أمام الأعداد الغفيرة جداً من التجمعيين المنتمين لها، الذين أضحوا يجاهرون اليوم بوفائهم لحزب التجمع المنحل.
وحتى بخصوص الأحزاب فإن التغيير وارد أيضاً على خلفية أن الانتخابات السابقة كان حزب تجمعي وحيد - وهو حزب المبادرة بزعامة كمال مرجان - المترشح للرئاسية، وهو آخر وزير خارجية في عهد ابن علي، يصول ويجول خلالها معتبراً أنه الحزب الوحيد القادر على استيعاب التجمعيين المغضوب عليهم والمتخفين في منازلهم خوفاً من انتقام قوى الثورة منهم. واليوم لم يعد هناك مجال لتظل المبادرة «ترفل في الحرير» والملجأ الوحيد للتجمعيين المرتعشين، خاصة أنهم أضحوا يجاهرون في القنوات التلفزية المحلية كافة بانتمائهم لأحد الأحزاب التجمعية.