تمكن القطب الإعلامي الشهير، الأسترالي الأصل، روبرت مردوخ من مزاحمة القنوات الأمريكية الرئيسية، اي اب سي، وسي بي أس، وان بي سي، وسي ان ان، وذلك بعد أن أسس قناة فوكس الإخبارية، واستقطب لها عتاة الإعلاميين المحافظين، من أمثال بيل أورايلي، وشان هانيتي، ولأنّ الهدف من القناة هو عرض وجهة نظر المحافظين، وكلمة «المحافظين» تستخدم للتخفيف، وإلاّ فإنّ الاسم المناسب هو «اليمين المتطرّف»، أو «العنصريين البيض»، وهؤلاء يمثلون نسبة لا يستهان بها من سكان الولايات المتحدة، خصوصاً في عمق الجنوب الأمريكي، حيث ولايات ألاباما، وميسيسيبي، وجورجيا، وأوكلاهوما، وغيرها، ولمَ لا، وهم أحفاد مؤسسي الولايات المتحدة الكونفدرالية (1860)، وهي الدولة التي انفصلت عن الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك احتجاجاً على قرار الرئيس ابراهام لينكولن بتحرير السود، واستطاع لينكولن أن يهزمها، ويعيدها لحظيرة الدولة الفيدرالية .
ولأنّ هدف قناة فوكس هو استقطاب أصحاب التوجه الأوحد من العنصريين، وليس استقطاب المؤهلين حقاً، فقد استقطبت الضابط اوليفر نورث، وهو المتورط في قضية الكونترا في عهد الرئيس رونالد ريجان!، كما استقطبت فتاة لعوباً، تدعى كمبرلي قولفويل، وكل مؤهلاتها هي الصراخ حسب ما يريد منتج، ومنفذ الأخبار، والبرامج التي تشارك فيها كمحللة سياسية!!، وإمعاناً في الخبث، فقد حرصت قناة فوكس على استقطاب مجموعة من المعلقين السود، وهؤلاء من الفئة التي تكره أصولها الأفريقية، لدرجة أنها تبالغ في انتمائها لتيار البيض المحافظ، وهو التيار الذي لا يزال ينظر إلى السود على أنهم مواطنين من الدرجة الثانية!!، ومن أبرز شخصيات هذه الفئة السيدة كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية السابقة، ويطلق الأمريكيون السود على هذه الفئة من بني جلدتهم لقب «أنكل توم»، أو الأسود الذي يكره نفسه، ومهمتهم هي الهجوم على الرئيس الأسود، باراك أوباما!!.
القناة أيضاً استقطبت كوميدياً فاشلاً، وثقيل ظل، اسمه دينيس ميلر، وذلك ليحلل الأحداث السياسية الجسيمة، وكل مؤهلاته أنه عنصري، كما استقطبت مقدم برامج اجتماعية مضطرباً، يسمّى هيرالدو ريفيرا، وهو مثل الأنكل توم السود، من أصول لاتينية، ويشعر بالنقص من البيض، ويعوّض عن ذلك بالمبالغة في دعم برامج المحافظين البيض، والمؤلم أنّ القناة استطاعت استقطاب الإعلامي الكبير، كريس والاس، ابن الإعلامي الأشهر، مايك والاس، أحد أبرز مقدمي البرنامج الشهير «ستون دقيقة»، ولئن كنت أتفهّم أن تستقطبه القناة لتغطية عوارها بإعلامي متميز، فإنني لا زلت غير مصدق أنه غامر بكل تاريخه الإعلامي، ورضي بالعمل في هذه القناة العنصرية، ولكنها الأخطاء التقديرية التي يقع فيها حتى أحكم الناس، وعموماً فقناة فوكس سخّرت ذاتها للنَّيل من الرئيس باراك أوباما، وذلك تحت غطاء نقد أدائه السياسي، بينما الواقع يقول إنّ موقفها منه عنصري بحت، ولهذا فهو يقاطعها منذ أن انتخب رئيساً، قبل ست سنوات، أما لماذا أتابع أنا هذه القناة، رغم كل ما كتبت عنها؟!، فالجواب سهل، وهو أنّ ضغوط الحياة تستوجب الترويح عن القلوب ساعة، بعد ساعة!.