تحدثت في مقالات مضت عن أفضل الرؤساء الأمريكيين، وعن أسوأهم، خلال التاريخ السياسي لأمريكا، والذي يمتد لأكثر من قرنين، وهناك رؤساء لم يكونوا ضمن الأفضل، ولم يكونوا ضمن الأسوأ، وإنما تركوا بصمات واضحة، يصح معها أن يصنفوا ضمن البين بين، أي لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، ويأتي في مقدمة هؤلاء الرئيس ريتشارد نيكسون (1968 - 1974)، ولو لم يتهور نيكسون، ويتورط في قضية التنصت على الحزب الديمقراطي، وهي القضية التي اشتهرت باسم «واتر قيت»، وذلك في انتخابات عام 1972، لربما تم تصنيفه ضمن أفضل الرؤساء، فهو إلى جانب خبرته السياسية الطويلة، والتي كان آخرها عمله كنائب للرئيس داويت ايزنهاور (1952 - 1960)، يتمتع بذكاء وقاد، وشجاعة في اتخاذ القرار، ويعود له الفضل في انفتاح أمريكا على الصين، ولكنه أبى إلا أن ينتهي نهاية مأساوية، كأول، وآخر رئيس يجبر على الاستقالة من منصبه كقائد لأكبر قوة عالمية، وهي الاستقالة التي ألقت بظلالها على كل تاريخه السياسي.
وبجانب نيكسون، هناك الرئيس جون كينيدي (1960 - 1963)، الذي تم اغتياله بطريقة مأساوية، أثناء مرور موكبه في مدينة دالاس، بولاية تكساس، وربما لو أتيح له أن ينفذ كل برامجه التي وعد بها، لصنف، أيضاً، ضمن أفضل الرؤساء، ولكن هناك على ما يبدو من لم ترق له تلك البرامج، وأهمها إقرار قانون الحقوق المدنية، أي المساواة بين السود والبيض، وحربه الشعواء على عصابات المافيا، واهتمامه اللا محدود بالطبقة الفقيرة، خصوصاً في عمق الجنوب الأمريكي، ولا تزال شعبيته جارفة، رغم مرور أكثر من خمسة عقود على اغتياله، وإن كان بعض المؤرّخين يعتقدون أن سبب شعبيته لم تكن بسبب حسن إدارته، بقدر ما هي نتيجة التعاطف الشعبي، بسبب الطريقة التي قتل بها، وإصرار الحكومة الفيدرالية على التعتيم على حادثة الاغتيال، حتى اليوم، وأياً يكن الأمر، فهناك شبه إجماع على أنه كان رئيساً مميزاً.
ويدخل في قائمة «البين بين»، الرئيس رونالد ريجان (1980 - 1988)، والذي لم يكن متميزاً بقدراته، بقدر ما كان ذا شخصية جذابة، ووفق إلى حد كبير في اختيار مجموعة متألقة من أبرز الساسة لتعمل بجانبه، ومن ضمنهم جورج بوش الأب، وجورج شولتز، وبالتأكيد فإن الرئيس بيل كلينتون (1992 - 2000) يصنف ضمن هذه القائمة، وربما لو لم يتورط في قضية الخيانة مع المتدربة، مونيكا لوينسكي لصنف كواحد من أفضل الرؤساء، فهو إلى جانب ذكائه، وقدراته الذاتية، يتمتع بموهبة غير عادية في التواصل، وللتذكير فإن عهده يعتبر واحداً من أزهي عصور السلام، والرخاء الاقتصادي، منذ ثلاثينات القرن الماضي، ولا يزال ذو شعبية كبيرة، وهناك بالتأكيد غير هؤلاء، في قائمة رؤساء «البين بين»، ولكن هؤلاء هم الأبرز، فهل لديك قائمتك الخاصة؟!