قبل أيام تابعتُ جلسة لمجلس النواب العراقي، خُصصت لبحث الجهود العراقية والدولية لمواجهة عدوان داعش على العراق. وقد تعاقب على الحديث العديد من النواب، الذين يظهر من آرائهم انتماؤهم للتحالف الشيعي؛ إذ يرون في مشاركة الدول العربية في غارات الطيران الحربي التي أوقفت تقدم قوات داعش نوعاً من انتهاك السيادة العراقية، بدعوى أن العراق لم يوقع اتفاقيات أمنية مع تلك الدول، وأنه لا مانع من مشاركة الطيران الأمريكي، إلا أن الطيران العربي ما كان له أن يشارك في هذه الحملة. بعض النواب، ومنهم النائبة الفتلاوي، التي رشحت نفسها لرئاسة الجمهورية العراقية، قرأت فقرات من دستور بريمر، الذي يؤكد انتقاداتها، ويمنع الاستعانة بقوات عربية، سواء برية أو جوية. وآخر تساءل بسذاجة: «من يدفع تكاليف العمليات الحربية؟ هل تدفعها أمريكا أم الدول العربية»!!
مواقف تظهر الحقد الطائفي للدول العربية التي هبت لمساعدة العراق بعد أن كاد تنظيم داعش يدخل العاصمة بغداد. ويبدو أن هؤلاء النواب بعد نجاح الطيران الدولي والعربي في وقف تقدم داعش عادوا إلى أسلوبهم القديم بعرقلة أي تعاون عراقي مع محيطه العربي، بالرغم من أن هؤلاء النواب، الذين يتفوق ولاؤهم لنظام ملالي إيران على ولائهم للعراق، يعلمون أن عودة العراق إلى الاستقرار لن تكتمل إلا بالعمل مع المحيط العربي للعراق، وإلغاء الإقصاء والتهميش الذي كان يمارَس ضد العرب، وبخاصة أهل السنة، وألا تُترك إيران عبر الأحزاب الطائفية العراقية المرتبطة بنظام ولاية الفقيه في إيران تواصل العبث بأمن ومصير العراق، وتصوير الدول العربية كأعداء للعراقيين. وفي حين أن الكل يعلم أن الدول العربية حصنت حدودها، ومنعت التسلل إلى الأراضي العراقية، وأنها وضعت أقسى القوانين لمعاقبة الإرهابيين الذين يستهدفون الأراضي العراقية، نجد أن إيران خصصت فيلقاً متخصصاً لتنفيذ الأعمال الإرهابية، وتنسيق الأعمال الأمنية والسياسية، والصرف على الأحزاب الموالية والعملاء، ومنهم من وصلوا إلى كرسي الوزارة في الحكومات العراقية المتعاقبة، بينما لم يجد العراق من الدول العربية غير الدعم والمساعدة، ومنها المشاركة في الحملة الدولية والعربية للقضاء على داعش؛ ولم يكن مؤملاً من السادة النواب، ومنهم السيدتان نوال الفتلاوي وعالية نصيف، كيل الاتهامات للدول العربية، والسكوت عن التدخل الإيراني في الشأن الداخلي الذي وصل إلى حد فرض الوزراء، والإشراف على تنفيذ الأعمال الإرهابية الإجرامية، وتجنيد الأشخاص لخدمة المخططات التي تضر العراقيين، ولا تحقق سوى خدمة الأهداف المذهبية لمناصري ولاية الفقيه، ومنهم من تكلم في جلسة مجلس النواب العراقي الآنفة الذكر.