تمدد الحوثيون وانحدارهم من شمال اليمن حتى جنوبه وسيطرتهم على محافظات اليمن الشمالية وتوجههم إلى المحافظات الجنوبية والشرقية وبالسهولة التي شاهدناها تعطي انطباعاً بأن هناك مخططاً للتوسع في إنشاء وإقامة (مستنقعات الإرهاب) في المنطقة العربية، وإشغال المليشيات الإرهابية مع بعضها البعض، ولا مانع من إشراك المؤسسات العسكرية في تصفية المنظمات الإرهابية أو حتى تسهيل مهمتها.
في اليمن الحوثيون أقلية داخل أقلية مذهبية، فالحوثيون يحاولون مصادرة الزعامة والقيادة من الطائفة الزيدية التي تشكل قرابة الـ35 بالمائة من تعداد الشعب اليمني، فبعد الوحدة اليمنية تفوق الشافعية والحنفية الذين يشكلون أغلبية سكان محافظات الجنوب والوسط والشرق، ليصبح الزيدية الذين يشكلون الأغلبية في محافظات الشمال بعد الشافعية والأحناف وهو ما دفع دعاة الفتنة إلى تخويفهم من أنهم سيصبحون أقلية تابعة، وبعد سقوط الرئيس علي عبدالله صالح (الزيدي) وتنصيب هادي عبد ربه منصور (الشافعي) ووجود رئيس حكومة من نفس المذهب تكثفت دعايات مناصري الحوثي بالضرب على وتيرة الخلاف المذهبي الذي وجد دعماً من نظام إيران الذي زود الحوثيين بالأسلحة والمال والمرشدين والخبراء، وجاء دعم الرئيس السابق علي عبدالله صالح والقسم الأكبر من حزب المؤتمر الشعبي والقوات التي لا تزال تدين له بالولاء وهم عناصر وألوية الحرس الجمهوري ليقوي من شوكة الحوثيين الذين تفوقوا على أعدائهم وخاصة حزب الإصلاح الواجهة السياسية للإخوان المسلمين والمدعوم من الفرقة الأولى مدرعة التي يقودها اللواء الأحمر المتهم بالتعاون مع الإخوان وغريم الرئيس السابق علي صالح، وقد ساعدت قوات الحرس الجمهوري الحوثيين في معركة الاستيلاء على محافظة عمران حيث تمكن الحوثيون بمساعدة الحرس الجمهوري وبعض القبائل المناوئين لآل الأحمر من دحر اللواء المدرع، والذي يقوده اللواء حميد القشيبي، والذي قتله الحوثيون واحتفظوا بجثته بعد نقلها إلى صعدة، كما استولوا على أسلحة ومعدات اللواء والتي ساعدت في تقوية القوة العسكرية للحوثيين الذين وجدوا دعماً ومساندة معلنة من قوات الحرس الجمهوري والألوية التي لا تزال تدين بالولاء لعلي عبدالله صالح، وهذا يفسر استسلام وعدم مشاركة القوات المسلحة في التصدي للحوثيين سواء في صنعاء أو في الحديدة أو ذمار، لأن القوات العسكرية التي كانت في تلك المحافظات من قوات الحرس الجمهوري ومن القوات الموالية للرئيس السابق، وعندما يستولي الحوثيون على المعسكرات والمعدات العسكرية لتلك القوات ينضم العسكريون لهم، وهذا ما جعلهم قوة لا يمكن الوقوف ضدها، إلا أن الأمر يختلف والذي بدأت أولى علاماته في محافظة أب ومحافظة تعز حيث استطاع شباب ورجال القبائل في أب من منع الحوثيين من الاستيلاء على المحافظة ومنعت تعز من الحوثيين إذ هدد قائد المنطقة الرابعة العسكرية اللواالصبيحي بالتصدي لاندفاع الحوثيين، وهو ما جعلهم يؤجلون الدخول إلى تعز خوفاً من اشتعال معركة دامية.
المواجهة الأخرى القادمة للحوثيين هو الاصطدام بتنظيم القاعدة الذي بدأت أولى مظاهره في رادع إذ عجز الحوثيون عن اقتحام المدينة، ولهذا سيتوقف تقدم الحوثيين عند حدود البيضاء وراوع وتعز، مع إمكانية اختراق تجمعاتهم في الحديدة وصنعاء من قبل انتحاريي القاعدة، وهكذا يعمل على صياغة (مستنقع إرهابي) في اليمن يخوض على أرضه الحوثيون وتنظيم القاعدة حرباً طائفية شبيهة بما يجري في العراق وسوريا، لإشغال الإرهابيين مع بعضهم البعض دون الاهتمام بسقوط مئات الآلاف من الأبرياء.