نجحت الممانعة الإيرانية، والتي جسدها رفض الحوثيين لقرار تكليف - مدير مكتب رئاسة الجمهورية - أحمد عوض بن مبارك، بتشكيل الحكومة؛ بسبب كونه ناشطا بعثيا خلال دراسته الجامعية في جامعة بغداد، وذلك حسب مصادر مطلعة في صنعاء لـ «العربية نت»؛ لتؤكد الوقائع على الساحة اليمنية، بأن القرار تفرضه أدوات حوثية، بينما صناعة القرار الفعلي بيد إيران؛ ولتغرق البلاد في أولى قراراتها المصيرية في أزمة سياسية حادة، بدليل أن تغير المعطيات على الأرض مرتبط بالخارج، وليس للداخل فيه شأن؛ من أجل الإبقاء على المكاسب الإيرانية الإستراتيجية، التي تحققت طيلة العقدين الماضيين.
من الواضح أمام الرأي العام، أن حقيقة الصراع في المنطقة، يكمن بين مشروع إيراني، وآخر عربي، رغم مخاطر الاستقطاب المذهبي، الذي تهدد انعكاساته دول إقليمية أخرى. ولا بأس على سبيل المثال: أن يبقى اليمن - حينئذ - مسرحا لأزمات المنطقة، وساحة مفتوحة للصراعات فيها؛ بسبب الأوضاع السياسية الداخلية المتأزمة، والإقليمية المضطربة؛ ليتم اختطاف الإرادة السياسية اليمنية.
أخشى، أن تصبح إيران ورقة يمكن أن يستخدمها المجتمع الدولي في تحسين ظروف تشكيل الحكومة اليمنية في هذا الاستحقاق. والحقيقة الكبرى التي لا يمكن لجماعة الحوثي المزروع في الجسد اليمني أن ننكرها، هي أن قراره سيصدر من «قم» الإيرانية، - ولاسيما - وقد أمسك بجميع مفاصل الدولة؛ ليصبح بعد ذلك رقما في اللعبة السياسية، تتماشى مع مقتضيات الفترة الحالية، ووفقا للمرتكز الأيديولوجي، والمتحكمة في التنفيذ ضمن خريطة توزيع القوى، والنفوذ، بدءا من أروقة صناعة السياسة العامة، وانتهاء في متابعتها على امتداد مراحلها المختلفة.
ليس المطلوب - اليوم -، إدارة التوازنات بقدر العمل على إمكانية بلورة الحلول المتوازية؛ من أجل حسم الأمور لمصلحة الدولة اليمنية، - خصوصا - وأن إيران دست أنفها، ووزعت عملاءها في المشهد السياسي اليمني، فذاب قرارها، واختفت وحدة خيارها. كما أن الأمور تشير إلى تأثر تشكيل الحكومة بعوامل داخلية، وإقليمية، ودولية، معقدة، ومتشابكة، لن تفرج أي من تلك الأطراف عن أوراقها، قبل حصولها على الضمانات الكفيلة بالحفاظ على مصالحها.
ما أود قوله في نهاية المقال: إن الطريق إلى المستقبل سيكون محفوفا بمخاطر اللعبة الدولية، والإقليمية نحو اليمن، والتحكم في استقراره السياسي عن طريق توسيع نفوذ الجماعة الحوثية، والتحكم في أجزاء كبيرة من الأراضي اليمنية؛ مما يستدعي إدارة الأزمة في الدائرتين - الإقليمية والدولية -، بشكل يدفع عن دول المنطقة مخاطر التهديدات الإيرانية، ونذر نشوب حرب طائفية، ويؤمن مصالحنا في مناخ هادئ.