كانت مشكلة إيران - خلال السنوات الثلاث الأخيرة - تقاطعها مع بنود المبادرة الخليجيَّة من جهة، ومن جهة أخرى دعمها لأطراف انتهجت سياسة العنف في شمال اليمن، وجنوبه؛ من أجل ترسيخ الصراع على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، خصوصًا أن التداخل بين تحدِّيات الداخل، وتضارب المصالح، والأهداف،
والإستراتيجيات بعيدة المدى، كان معقدًا إلى درجة عدم القدرة على فك التشابك بين مختلف الأطراف اليمنية.
ثم إن إقلاق الأمن العالمي، سيكون هذه المرة عن طريق الاستحواذ على مضيق باب المندب، والواقع بين البحر الأحمر، وخليج عدن، الذي يعد من أهم سبعة ممرات دوليَّة مهمة للطاقة في العالم، إضافة إلى إنشاء دويلة في صعدة، تسيطر على مناطق نفطية في صحراء اليمن الشرقية، ومجاورة لدول المنطقة، وقريبة من موانئها في السواحل الغربية. الأمر الذي سيجعل اليمن مسرحًا لصراع إقليمي، ودولي، بل قد تنذر تلك التطوُّرات بمزيد من الخطورة على الأمن الإقليمي العربي، والعمل على تنفيذ مشروعات جيوستراتيجية طموحة بين إيران، وجماعة الحوثي، عن طريق سيناريوهات مُتعدِّدة، ومختلفة.
ربما يكون البعد الإقليمي، هو أخطر أبعاد الأزمة اليمنية، لاسيما وقد خرجت عن نطاقها المحلي؛ لتغدو قضية إقليميَّة، وهذا ما يفسر طبيعة التعامل الحوثي على المستويين السياسي والأمني، بأنّه مرتهن لصالح القرار الإيراني، بتنفيذ مخطط خارجي، وإقليمي على حساب المصلحة الوطنيَّة في اليمن، ثمَّ إن تداخل الخيوط بين البعدين المذهبي والإقليمي، سيعمد إلى التخطيط على إعادة نظام الإمامة، وتمكينهم سياسيًّا أسوة بما حدث في العراق، وبالتالي العمل على إشعال التوترات الطائفية بين السنة، والشيعة، وذلك في إطار تصفية الحسابات الإقليميَّة، والأوسع في إدارة صراعات المنطقة.
التطوُّرات الإقليميَّة تشير إلى استمرارية عوامل الشحن المذهبي، والفرز الطائفي، والتحريض على الصدام، وإقصاء الآخر، التي ستدخل اليمن في مواجهة، لا أحد يمكن أن يتنبأ إلى أين ستنتهي، بل إن نذر المواجهة بين أوساط القوى السياسية الفاعلة على الساحة اليمنية، هي اليوم أقرب من أيّ وقت مضى، خصوصًا أن التوغل العسكري للحوثيين في صنعاء، والسيطرة على المقار العسكرية، والحكوميَّة، لن يرسم خريطة طريق لمرحلة انتقالية في المنطقة، وفقًا لقاعدة الشراكة في معالجة الأزمات.