القراءة السياسية لتصريحات - الرئيس الأمريكي - باراك أوباما، التي أجراها في مقابلة مع قناة «سي .
بي . إس» التلفزيونية قبل البدء في الضربات الجوية، بأن: «وكالات المخابرات الأمريكية استخفت بنشاط تنظيم داعش داخل سورية، التي أصبحت قبلة الجهاديين في جميع أنحاء العالم «، سترسم استراتيجية على المدى البعيد؛ للتدخل وفق أهداف سياسية واضحة، وبتحالفات إقليمية، ودولية؛ من أجل تنفيذ القرار «2170»، الذي ينص على رفض تبرير الإرهاب تحت أي مسمى، وأن أصل الجمود كان في تسويغ الأعمال المسلحة، والإرهابية في سورية»، وأن «الإرهاب جزء من الأزمة، وليس سببها»، مقراً بأن: «سياسات النظام السوري، ولجوئه للحل الأمني في مواجهة المطالب المشروعة للشعب السوري، - إضافة - إلى تهميش المعارضة المعتدلة، وقمعها، هي السبب الرئيس للوضع الحالي»، مكرراً المطلب الأساس في الحل، بـ: «تشكيل حكومة انتقالية في سورية».
الآلة الداعشية، وسرعة انتشارها، وتمكنها - إضافة - إلى إعلان خارجية النظام الأسدي، بأن الوضع الإنساني السوري هو من مسؤولياتها، ولا يجوز لأحد التدخل فيه؛ لأنها تعتبر ذلك مساساً بخصوصيات الدولة - وعليه - فهي ترفض بذلك قرار مجلس الأمن بشكل، أو بآخر، محاولة إبعاد العالم عما يجري داخل سورية - ومثله - كثرة التدخلات الإقليمية، والدولية، التي قامت بها كل من روسيا، والصين، كانت أدلة واضحة على إعطاء الفرصة الأكبر لنظام الأسد الإرهابي؛ للاستمرار في القتل، والتدمير؛ حتى وإن جاء ذلك تحت اسم «الحل السياسي»؛ لتجعل من إقامة تحالف ضد تنظيم داعش المتشدد، خطوة متأخرة في محاربة الإرهاب في المنطقة.
إن انعدام الثقة في شأن الأبعاد، والخلفيات، والمرامي، والتأخر في شن ضربات ضد إرهاب دولة داعش، جعلت صحيفة «التايمز» البريطانية، توجه اللوم إلى الرئيس الأمريكي - باراك أوباما - الشهر الماضي ؛ بسبب تأخره في توجيه ضربات جوية أمريكية محددة الأهداف ضد مقاتلي «داعش» في شمال العراق، والبدء في عمليات إسقاط جوي؛ لنقل إمدادات إنسانية للمحاصرين. واعتبرت الصحيفة، أن: «الإدارة الأمريكية كانت بطيئة للغاية في قرارها»، مطالبة إياها بالتحرك؛ «لمنع انزلاق العالم إلي الاضطراب، والفوضى».
في تقديري، فقد ساعدت العوامل السابقة مع الأسف ظهور تنظيمات إرهابية، تحت مظلة الجهاد، ذات صبغة إقليمية، فانشغل الجميع بإدارة حساباته الداخلية، دون النظر إلى مصالح دول المنطقة بشكل أشمل، وأعمق، وذلك من خلال معطيات المشروع الأمريكي في المنطقة، الذي يصب في جوهره في إطار استنزاف دول المنطقة؛ تنفيذا لأجندة الفوضى الخلاقة في المنطقة، خصوصا أن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في محاربة داعش، لم تتطرق إلى الميليشيات الشيعية، أو على الأقل تقديم ضمانات كافية؛ لإسقاط النظام السوري في نهاية المطاف.
في سياق متصل، سيمثل النظام الأسدي المركز الأول عالميا في معدلات العنف الإرهابي - وبالتالي - فإن تقديم رؤية استشرافية لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع، يستلزم سرعة اتخاذ الإجراءات المناسبة؛ لإنهاء الأزمة السورية - باعتبارها - السبب الرئيس في خلق العديد من البؤر الإجرامية . وهذا ما يجعلنا نؤكد، بأن سورية دخلت فصلا جديدا، ستحدد معالمه في مستقبل الأيام القادمة.