كلّ خريف، يعرب كثيرون منّا عن انزعاجهم من تجّار التجزئة الذين يقرّبون كلّ سنة موعد انطلاق موسم الأعياد. بيد أنّ عروض الأعياد تبدأ في مطلع الخريف منذ قرن من الزمن على الأقل. ففي آب (أغسطس) 1914، صدر إعلان جريدة عن نمليّة مطبخ، شجّع النساء قائلاً «اغمزي السيّد زوجك غمزة ميلاديّة». وحتّى قبل ذلك، قامت فلورانس كيلي – وهي مصلحة اجتماعيّة مشهورة ترأست «الجامعة الوطنية للمستهلكين»، وكانت عضواً مؤسساً في «الجمعية الوطنية للنهوض بالأشخاص الملوّنين»- بتوزيع عشرات آلاف المنشورات التي شجّعت المستهلكين على «التسوّق باكراً للميلاد»، لتجنّب «الطبيعة اللاإنسانيّة لازدحام اللحظة الأخيرة» لدى موظفي المبيعات والعاملين الأطفال.
وبالتالي، نرى أنّ إطلاق موسم الأعياد باكرا ً ليس بالجديد، ومع ذلك، لا ننفكّ نتذمّر. ولكن لماذا تبقى قائمة إن كنّا نكرهها إلى هذا الحد؟ لأنّ عدداً كافياً من العملاء وتجار التجزئة يقيّمونها بما فيه الكفاية لتحمّل انتقادات لا مفرّ منها. وعلى سبيل المثال، تُظهر استطلاعات رأي أجراها الاتحاد الوطني للتجزئة أن 20 في المئة من المستهلكين يبدأون بشراء هدايا العيد مع حلول أيلول (سبتمبر)، و40 في المئة في عيد هالوين.
وخلال الشهر الماضي، أجرت «باين أند كو» استطلاعاً شمل 621 أميركياً راشداً. وأكّد نحو الثلثين منهم أنّهم سبق أن رأوا عروضاً خاصة بموسم الأعياد. وبشكل عام، أورد ثلثهم أنّ عروض الأعياد المبكرة تثير جنونهم، في حين أظهر ثلث آخر لا مبالاتهم، أو قالوا إنّ المعروضات أزعجتهم «قليلاً»، في حين أكّد ثلث أخير أنّهم يحبّون عروض الأعياد المبكرة، أو أنّها تروق لهم.
وكشف المستطلَعون الذين كانت ردودهم إيجابيّة أنّ التسويق المبكر للأعياد يمنحهم مزاجاً حسناً، ويساعدهم على تجنّب المماطلة، ويعطيهم أفكاراً مفيدة، علماً بأنّ أكثر من قدّر العروض المبكرة هم متسوّقون لا تزيد أعمارهم عن 45 عاماً، وآخرون لديهم أولاد في أسرهم، إلى جانب المشترين الذين يقلّ دخلهم السنوي عن 20 ألف دولار، ممّن يرحّبون بفرصة تمديد فترة الإنفاق على هدايا الأعياد.
أمّا تجّار التجزئة، فيفضّلون إطالة فترة العروض لأسباب واضحة، فائلين إنّ ذلك يخلق بيئة تسوّق أقلّ فوضى، ما يسمح بزيادة حجم المبيعات، ويقلل من احتمال نفاد البضائع، ويسمح بخفض تكاليف الوقت الفائض في العمل، والحاجة إلى توظيف وتدريب ومراقبة طاقم موظفين وعاملي أمن إضافيّين مؤقّتين ومن ثمّ إقالتهم.
ويرى بعض علماء النفس أنّ التسويق المبكر لفترة الأعياد ينتهك التقاليد، ويقلّل من فرادة موسم الأعياد بحد ذاته، ويعطي الناس شعوراً بأنّه يتمّ التلاعب بمشاعرهم. ولكن ما دام ذلك يأتي بالفائدة لعدد كافٍ من تجّار التجزئة والعملاء، يرجّح أن يكون الفوز حليف العرض والطلب في موسم العيد. (داريل ريغبي شريك في «باين أند كو» ومؤلف كتاب «الفوز في الاضطرابات». أمّا سوزان تاجر، فمديرة أولى للممارسات المرتبطة بالمنتجات الاستهلاكيّة ومنتجات التجزئة في «باين»).