خرج من أحد معارض النسيم للسيارات بالرياض فرحاً مزهواً بسيارته الجديدة (جيب شاص لاند كروزر) بعد ان انهى إجراءاتها واستلامها من إدارة المعرض، توجه مباشرة الى المنزل واوقفها بعد تأمين ابوابها، وحالاً بَشّر ذويه بوصول السيارة الجديدة ودعاهم للخروج لإلقاء نظرة عليها والدعاء له بالبركة وان يرزقه الله خيرها ويكفيه شرها، ولكن يبدو ان الدعوة قد تأخرت لبضع دقائق هي الفترة بين دخوله المنزل وخروجهم لتأمّل السيارة والمباركة له، حيث انهم لم يجدوها بمكانها ولا في أي مكان آخر، قالوا: انك لن تترك عادة المزاح، اين السيارة؟ اجابهم بذهول: اوقفتها هنا قبل دقائق وهذه مفاتيحها واوراقها وبينها ما يثبت المشتري بمبلغ (142500) ريال، توجّه فوراً لأقرب قسم للشرطة وسجل بلاغاً احيل بموجبه الى دائرة أخرى تهتم بالأمور الجنائية التي قامت بالواجب الذي تستطيع كما تمليه طبيعة عملهم معه ومع غيره، كما تم التعميم على السيارة، بعد قليل من السرقة افاد جار المجني عليه انه اكتشف ان كاميرا بوابة منزله التقطت وسجّلت مقاطع لسيارة تحمل اكثر من راكب وينزل احدهم، ثم مقطع لشخص يتجه نحو السيارة المسروقة ويفتح بابها ويستقلها ويمضي بها، وتوافق توقيت التصوير مع وجود صاحبها داخل المنزل يبشر ذويه ويدعوهم لمشاهدة السيارة، كيف تمكن السارق من فتح السيارة؟ اتضح ان أحد المفاتيح الثلاثة التي استلمها من المعرض تم تبديله بآخر لا علاقة له بالسيارة، ومنذ 21 ذي القعدة تاريخ شراء السيارة وسرقتها والابلاغ عن ذلك؛ وحتى كتابة هذه السطور لم يعثر عليها.
وسواء عثر عليها اثناء نشر هذه القصة او قبلها، فالمؤكد ان هناك ايدي تعبث وايدي تسرق، عَلِم أصحاب المعرض ام لم يَعْلموا بذلك، وها هم قد تبيّنوا فصول اللعبة ولعلهم يكتشفون ألاعيب أخرى كانت تجري وهم غافلون، هناك من يعملون بالمعارض خونة ومدلسون ويتعاونون مع عصابات سرقة السيارات، واجزم ان الأجهزة الأمنية بما عرف عنها من دقة وتقصٍ في مثل هذه القضايا لديها الآلية الكافية لكشف هذه العصابات، وإلزام المعارض باتخاذ إجراءات اكثر دقة وشمولية وصرامة لسد الثغرات على المفسدين، وفي نظري ان المعرض غير معفى من المسؤولية اذ ان الإهمال بدأ من داخله.
هذه القصة تذكرني برواية من أحد الأقارب صدم سيارته أحد الشباب المتهور وهرب، وعند ابلاغ المرور افادوا بان السيارة التي ارتكبت الحادث مسجلة لديهم (مسروقة) وبهذا فلا شيء له عندهم ولا عند شركة التأمين، ولكنه لم ييأس رغم اهمال المرور لقضيته، واكتشف ان تعميم السرقة منذ سنتين وان التأمين على السيارة تم تجديده مرتين خلال هاتين السنتين، بمعنى ان هناك لعبة تتم من خلال استغلال ثغرات بنظام المرور، وهي ان يتم عن ابلاغ سرقة السيارة فلا يطالها العقاب في بعض الأحوال، وان المرور لا ينسق مع شركات التأمين في ذلك كعمل تكاملي، لكن كل الامل ان تراجع إدارات المرور والشرطة آلياتها واجراءاتها وتحديثها لتلائم المستجدات، وتكون رادعة لخداع العصابات التي تبتكر كل ساعة حيلة جديدة، والخطط الأمنية تعني الاستمرارية والابداع والتفوق.