المفسدون ينشطون لابتكار مزيد من الحيل والأساليب الخادعة من أجل تهريب المزيد من المتسللين والمخالفين لنظام الإقامة والعمل، ربَّما أن في ذلك إشارة إلى أن وراءهم من يدعم ويعزّز خططهم من المستفيدين (في الداخل والخارج)، ما يدعو الجهات الأمنيَّة إلى أن تكون واعية حذّرة ومواكبة لتطورات أعمال التهريب وإدخال المتسللين إلى البلاد، وألا تركن لمفاهيم اعتيادية بأن قدومهم تسللاً يكون بدعاوى واهية كالتكسب وطلب الرزق بسبب الفقر، ومعلوم فقهيًّا أن التكسب لا يكون بمُحرّم أو غير مباح أو ممنوع لأضراره بمصالح الغير، علينا جميعًا كمواطنين أن نتعاون مع الأجهزة الأمنيَّة وأن نرتقي بالحس الأمني حتَّى يصل إلى درجة الخيال والظنون، وافتراض ما لم يحدث واعتقاد أنه سيحدث بعد وقت قريب، لأننا في الواقع نواجه عدوًا خطرًا لا يعرف الرحمة ولا يكل من ابتداع الحيل والمكر والخديعة مهما كلفه الثمن لإيذائنا والإخلال بأمننا، وتشتيت مجتمعنا، وصدع تماسكنا، ويستخدم لأجل تنفيذ خططه كل ما في يده من أدوات وإمكانات، لا سيما تلك التي نستبعد أنه يستخدمها، وحينما تواجه عدوًا مُصرًا مترصدًا متحمسًا لإيذائك، فأحسب له كل حساب غير مستبعد لأيِّ وسيلة تتخيلها، وضع في حساباتك أنَّه لا يخجل من استخدام واستغلال أيّ أداة أو مستوى وطبقة بشرية يمكن أن تحقق له مبتغاه، كما يجب ألا يُترك باب المفاجآت مُشرعًا لأيِّ مُغرض، وألا نترك الدروس لما بعد الحدث، الدرس الحقيقي نتعلمه قبل وقوع الخطر، ونستذكره قبل بدء العدو بتنفيذ حبائله، العدو المفترض قد لا يكون مشاهدًا ولا محددًا بدقة لكن هذا لا يعني أنه غائب أو غافل أو بعيد، الحكمة والحصافة تفرض على صاحب القرار الأمني أن يكون واعيًا لما سيؤول إليه واقع الحال فيما لو نجح المتربص بنا ولو جزئيًا، ففي الداخل من ينتظر اللحظة ممن تسللوا وزُرعوا بين أحيائنا، قد أكون مبالغًا في تصوراتي التي تنبع من حرصي على أمن بلدي، وصدقي في التنبيه لما قد يحدث، والشواهد أراها بعيني في الأزقة والأحياء لا سيما سويعات الضُحى حين ينصرف القوم لأعمالهم ومدارسهم، وما بعد العشاء، تشاهد من يسيرون بأعداد ما بين الاثنين والثلاثة، يجوبون الأحياء وتعابير وجوههم غير مريحة، وهم من جاليات عربيَّة وغيرهم، حينما يلمسون اهتمامك بهم يتوجه إليك أحدهم يطلب منك فعل الخير بأن تقدم له دريهمات ليشتري ما يذهب عنه الجوع، بالرغم من أن صوته وبنته وهندامه لا يوحي بذلك، بل إن صحتهم لافتة، إذن ماذا يريدون من تجوالهم بتلك الأوقات؟! وأشعر أحيانًا أن الأمر يستدعي بث ونشر العَسس حتَّى في الصباح احترازًا، ويَزيد اهتمامي بهذه الفكرة كُلَّما قرأت أخبار مهربي المتسللين وأسلوبهم في التخطيط ومقاومة رجال الأمن والدوريات، فقد قَويت شوكتهم وأخذوا يهرّبون بالجملة ويحملون الأسلحة للمواجهة، مما يعني أن خلفهم دوافع تشجَّعهم وتُغريهم لدرجة جرأتهم على المقاومة والإصرار، وإني لأسأل نفسي أحيانًا إن كان أولئك المهربون من بني وطني حقًا أم هم ممّن زوّر أوراقه وأخذ يسعى في أرضنا فسادًا؟ لكن ثقتنا برجال الأمن كبيرة.