يسهم موسم الحج عاماً بعد آخر في تنامي خبرات الشباب السعودي وتراكمها، وذلك في إطار الوعي بالمسؤولية واستشعار الأمانة المهنية وتجاوز المعوقات الحياتية والاجتماعية التي قد تشكل عامل ضغط عليهم. ومن ذلك نجد شباناً سعوديين يعملون في قطاعات خدمية ويقومون بدور احترافي ومتقن، وإن لم تكشف الحقائق والوقائع أدوارهم البالغة التأثير، ومن شواهد ذلك الاتقان ما يقوم به الشاب موسى جرب أحد العاملين في الشركة السعودية للكهرباء، حيث تقتضي مهامه المهنية الصعود إلى أعلى أعمدة توزيع الكهرباء، لإشعال القبس من جديد وإعادة التيار الكهربائي الذي يتأثر عادة بالعواصف الشديدة والأمطار والسيول، وموسى فني كهربائي يعمل ضمن فريق واحد، ينتمي إلى 80 فريقاً للصيانة والطوارئ استنفروا جهودهم في كافة أرجاء منطقة جازان خلال فترة إجازة العيد، حيث يجوبون الطرقات والبيوت ومحطات التوزيع حرصاً على منظومة الكهرباء ومعالجة ماجرفته السيول وأسقطته العواصف الشديدة. وفي الوقت الذي كان الفني موسى جرب يقوم بواجبه فجراً، كان أحدهم يصيح به، أن ألقِ بقفازك، والحق بأهلك لأن خالك الآن مكلوم بوفاة ابنه، نتيجة حادث مروري، فكان خيار ترك العمل بالنسبة إلى موسى في تلك اللحظة صعب، بالتوازي مع شعوره بالحزن الذي رافق تلقيه النبأ، إلا أن الواجب لم يكن مجال شك لدى موسى، لقد كان فوق العمود ينظر من الأعلى، كان ينظر لمصيبته، وكان ينظر أيضاً لجازان كلها، كانت تحت المطر وعلى بساط العواصف، فاختار طائعاً أن يستمر في عمله لإعادة التيار الكهربائي المنقطع. أراد أن يُلقي ويتلقى العزاء وجازان هادئة وادعة، وكان له ما أراد، إذ أنهى المهمة وذهب للمهمة الأخرى.
وهذا ديدن آلاف المهندسين والفنيين الكهربائيين السعوديين الذين يعملون ليل نهار، في الشتاء والصيف، يتابعون ويكابدون مختلف الظروف الجوية لخدمة المواطنين والمقيمين وجميع القطاعات التنموية، وكي ينعم الجميع في 13 ألف مدينة وقرية وتجمع سكاني بخدمة الكهرباء بموثوقية عالية.