كل عام وأنتم بخير قراء الجزيرة الكرام والأمتين العربية والإسلامية بمناسبة نجاح موسم الحج لهذا العام، صحيح أن الحج هو الشعيرة السنوية التي تشرف عليها المملكة العربية السعودية منذ عشرات السنين حيث اهتم القادة السعوديون منذ عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وحتى الآن بتطوير مكة وتوسعة الحرمين الشريفين وتسخير كل الإمكانات لخدمة حجاج بيت الله الحرام حتى تغنى ملوك هذه البلاد وحاكمها بلقب خادم الحرمين الشريفين تقربا إلى رب البيت وتشرفا بخدمة ضيوفه، وما من ملك من ملوك آل سعود إلا وترك بصمة في إعمار الحرمين وتطوير المشاعر وقد أحدث الملك فهد رحمه الله قفزة مجيدة في إعمارهما وبلغ ذروته من خلال أضخم مشروع يتم الآن في عهد أبي متعب عبدالله ابن أبي البلاد يا حماه الله.
إمكانات رهيبة وجهود يشهد عليها القاصي والداني تقوم بها هذه البلاد في تلك الأماكن المقدسة ويتطلع إليها العالم في كل عام في موسم الحج حيث يستوعب المكان أكثر من ثلاثة ملايين حاج يؤدون الفرائض في الوقت نفسه آمنين مطمئنين بإذن الله، وفي كل عام يكون الرهان كبيراً على نجاح تأدية المناسك بسهولة ويسر وأمان إما بسبب الأعداد الكبيرة للحجاج والخوف على سلامتهم بسبب تدافعهم في أماكن الزحام أو بسبب الأمراض المعدية أو الوهن والتعب الذي قد يصاب به الحاج نتيجة الجهد الكبير الذي يقوم به وهذه أمور جائزة وطبيعية، لكن الذي لا يخفى على أحد الخوف الأمني لذلك تتكاثف الجهود الأمنية التي يقوم بها جنود هذا الوطن للحفاظ على أمنه وأمن ضيوفه في موسم قد يكون وقتاً مناسباً لخطط المغرضين، وفي وقت تشهد فيه المنطقة أزمة أمنية وصراعات وانقسامات وحروب.
وقد شهد الحرم المكي حادثتين حفظهما التاريخ وذاكرتنا؛ أولهما جهيمان عام 1979، ثم في عام 1987 المظاهرات التي قام بها الحجاج الإيرانيون أثناء موسم الحج وقد تصدت لها قوات الأمن السعودية. بفضل الله وحمايته بيته العتيق.
وفي زمن المؤامرات هذا والمكائد التي تضمرها بعض الدول التي استخدمت الدين كأفيون لشعوبها المقهورة ومحرك لكثير من التنظيمات التي حملت الإسلام كواجهة لأغراضها المشؤومة، أصبح الحمل كبيراً والجهد مضاعفاً على المملكة لمقاومة تلك المكائد وإبطالها والفتن التي قد يغذيها بعض المدسوسين في موسم الحج.
وحيث يسمح المقام بهذا وقد انتهى موسم الحج بنجاح مبهر وأدى الحجاج الفريضة بسلامة وأمن وسعادة لا توصف، فإنني أقول: هذا زمانك يا بلد الحرمين، يا قبلة المسلمين ومسرى أرواحنا وموطئ أجسادنا في موسمي الحج والعمرة، هذا زمانك يا ابن الوطن البار، وأخص رجال الأمن الذين بذلوا كل نفيس لخدمة موسم العبادة هذا العام، والذين ضربوا المثل في البذل والجد والإنسانية التي اتضحت جلية فيما شاهدنا من صور ومقاطع يوتيوب انتشرت عفوية عبرت عن جهادهم ونضالهم لدينهم ووطنهم .
أقول وأشهد بأن هذا هو رجل الأمن السعودي وهذا زمان المخلصين أمثاله الذين ظهرت معالم كثيرة لإنسانيتهم وعطائهم، هذا زمانك يا بلد وزمان حماتك وأبنائك ومحبيك يا حماك الله.