منذ نهاية الحرب الثانية، وتحديداً منذ سباق الرئاسة، بين ريتشارد نيكسون، وجون كينيدي، في عام 1960، أصبح الإعلام لاعباً رئيسياً في صنع الرؤساء، وكان للرئيس كينيدي قصب السبق في ذلك، وذلك لصغر سنه، وجاذبيته، وأهم من كل ذلك أموال والده، جوزيف كينيدي، ومنذ ذلك التاريخ أصبح للإعلام كلمته في صنع الرؤساء، ومن المسلم به أن الشعب الأمريكي يرتبط ارتباطاً عاطفياً بالجريدة مع قهوة الصباح، وبنشرة أخبار التلفزيون للقنوات الرئيسية خلال وجبة العشاء، واستطاعت اللوبيات المتنفذة التحكم بهذا المواطن، وتحديد خياراته من خلال الإعلام، أو بالأصح تحديد خياراتها هي لحكم الإمبراطورية الأمريكية.
تطور الأمر خلال العقود التالية، ولعلنا نذكر كيف تم الزج برونالد ريجان من أتون صناعة الأفلام في هولويود، إلى صناعة السياسة في البيت الأبيض، وما زلت أذكر كيف تمت صناعة، وتسويق واحد من أفضل الرؤساء، وأذكاهم، وأعني هنا الديمقراطي بيل كلينتون، الذي كان حاكماً لولاية صغيرة تسمى أركانسا، ثم أبرزه الإعلام شيئاً فشيئاً حتى صار رمزاً قومياً، واستطاع في نهاية المطاف أن يفوز بالرئاسة، رغم أن خصمه، الجمهوري جورج بوش الأب، كان قد انتصر لتوه في حرب تحرير الكويت، وكان مطمئناً إلى أن النصر سيضمن له إعادة الانتخاب في 1992، إلا أن اللوبيات المتنفذة كان لها رأي آخر، وكذا حصل مع الرئيس الحالي، باراك أوباما.
حتى عام 2004، كان أوباما سياسياً مغموراً لا يكاد يعرفه أحد، ثم ظهر في مؤتمر الحزب الديمقراطي ذلك العام، وهو المؤتمر الذي صادق على ترشيح السيناتور، ووزير الخارجية الحالي، جون كيري لمنافسة الجمهوري، جورج بوش الابن، وكما بيل كلينتون قبل ذلك، تمكّن الإعلام من تسويق أوباما، بعد كلمته الشهيرة في ذلك المؤتمر، والتي بدأها بالقول: «أنا الشاب المغمور، ذو الآذان الكبيرة من ولاية الينويز»، ثم واصل الإعلام حملته حتى فاز أوباما بالرئاسة، وأعيد انتخابه، ومن يتابع الإعلام الأمريكي، هذه الأيام، لا تخطئ عينه التسويق المحترف للسيناتور، ووزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، تماماً كما حصل مع زوجها قبل ذلك، ومع أوباما، وغيرهم، وبما أن صناعة الإعلام تتطور بسرعة مذهلة، فإن تسويق السيدة كلينتون يتم باحترافية عالية، ويشارك في ذلك زوجها بيل، وابنتها تشيلسي، فهل يا ترى تنجح هيلاري في أن تصبح الرئيسة الأولى لأعتى ديمقراطية عالمية؟ كما أصبح أوباما أول رئيس أسود، والجواب لن يطول انتظاره، فالموعد هو نهاية عام 2016!