شح أراضي وزارة الإسكان ليس بالمعلومة الجديدة، فقد تَمَّ التصريح عنه من قبل الوزارة في أكثر من مناسبة التي قالت بأنها تكفي لبناء 200 ألف وحدة سكنية.
ومن الواضح أن الاتجاه لشراء الأراضي بالرغم من أن للوزارة الحق باللجوء له هو آخر الحلول التي قد تفكر بها بموجب ما تحاول أن تعمل عليه من إجراءات ستساعد على زيادة المعروض. لكن إلى الآن لم تتضح معالم ما ستقوم به مستقبلاً، وتبقى معتمدة بشكل رئيس على ما تقوم وزارة الشؤون البلدية والقروية من توفيره لهم.
وإذا كان الحل الذي يحمل استمرارية لزيادة عدد الوحدات السكنية هو الشراكة مع القطاع الخاص، وهو ما ينتظره سوق العقار، إذا ما قامت الوزارة بتفعيل مبادرات ترفع من وتيرة نشاط القطاع العقاري السكني القائم على شراكة مع المطوِّرين والانتقال بالقطاع ليصبح صناعة بمفهومها الشامل، إلا أن الحلول الإضافية تبقى مهمة لكي تكمل الوزارة ما تَمَّ تكليفها بإنجازه وهو بناء 500 ألف وحدة سكنية بالإضافة لبرامجها الإسكانية، التي قد ينظر إلى أنها تشعبت وشابها بعض التباينات، أتت من تصريحات مسؤولي الوزارة ما بين التأكيد على بناء الوحدات السكنية، ثمَّ برامج لمنتجات مختلفة كأرض وقرض، ومؤخرًا النيّة للتركيز على بناء شقق سكنية.
وعلى ما يبدو أنه أحد الحلول للتَغلَّب على مشكلة شح الأراضي، لأن بناء الأبراج يزيد من عدد الوحدات ضمن الأراضي التي استلمتها الوزارة، فيرتفع عدد ما يمكن توفيره إلى أرقام أكبر من التقديرات الحالية المعلنة.
إلا أن أحد الحلول التي يمكن لوزارة الإسكان البحث فيها، وقد تجد بها حلاً جيّدًا يضيف حجمًا مهمًا من الأراضي الصالحة للسكن، ويمكن أن توفر مساحات واسعة لا تحتاج إلى كثير من العناء والوقت لتجهيزها، يتمثَّل بالأراضي التي تمتلكها بعض الجهات الحكوميَّة، التي حجزت لها منذ وقت طويل، وبعضها قد يكون منذ سنوات قريبة، لتقوم باستخدامها لصالح مشروعات مستقبلية قد تحتاجها، وإذا استثنينا بعض الوزارات كالتعليميَّة أو الصحة، كونها لا تحتاج إلى مساحة كبيرة بموقع واحد، ويتطلب تعزيز خدماتها انتشارها، بل إنها يحسب لها مساحات بمشروعات الإسكان لتكون خدمات مشروعات الإسكان متكاملة التجهيز، فإنَّ هناك جهات قد لا تحتاج فعليًّا لمساحات أراضٍ كبيرة، فبحسب ما يلاحظ أن الأراضي البيضاء تصل ببعض المدن لنسب تتجاوز 60 بالمئة منها، فإنَّ هناك مساحات جيدة لجهات حكومية ولم تستغل، أو يستفاد منها، بل قد تكون الحاجة لها انتفت أو تقلصت، مما يعني إمكانية إعادة النظر بها وتحويلها لوزارة الإسكان، لكي تستثمر بمشروعات إسكانية، قد تسمح بعض تلك المساحات ببناء آلاف الوحدات السكنية.
فعلى سبيل المثال، تَمَّ تحويل كليات البنات بالرياض التي تقع في مخرج 9 على طريق الدائري الشرقي لصالح وزارة الشؤون الاجتماعيَّة، بعد أن تَمَّ الانتهاء من تشييد جامعة الأميرة نورة، حيث تَمَّ نقل كليات البنات لمقرها الجديد فيها، فلو تَمَّ النظر بحجم المساحة الكبير، التي تقع في مكان سكني ممتاز، فإنَّ الاستفادة منه لصالح وزارة الإسكان قد تكون أفضل من تحويلها لأيِّ جهة قد لا تحتاج إلى كل هذه المساحة الجيدة، ويقاس على ذلك أمثلة عديدة، مما يعني أن الحاجة ضرورية لإعادة النظر بالأراضي الكبيرة التي تكون مساحاتها بعشرات الآلاف من الأمتار، وتعود ملكيتها لبعض الجهات الحكوميَّة، كي ينظر بمدى الحاجة لها لصالح مشروعات الإسكان، ولا يقتصر الأمر على جهات رسمية، بل أيْضًا على مؤسسات شبه حكومية لديها مساحات كبيرة داخل مواقع مهمة بالمدن وتركز على استثمارها تجاريًا بحيث تلزم بأن يكون التوجُّه لبناء وحدات سكنية عليها، وهذا يتطلب توجيه الأمانات بإعادة تنظيم التخطيط الحضري، ليصبح أكثر تركيزًا على استغلال المساحات الكبيرة لصالح المساكن على حساب المشروعات التجاريَّة، خصوصًا لملكيات المؤسسات شبه الرسمية كالتقاعد والتأمينات الاجتماعيَّة.
مشكلة شح الأراضي لدى وزارة الإسكان، ليست بالأمر غير المتوقع ببدايات عملها، لكن الأَهمِّيّة تبقى لإيجاد الحلول لتوفيرها، لأن المساحات البيضاء كبيرة بالمدن، لكن إعادة دراسة احتياجات العديد من الجهات الحكوميَّة لأراضي كبيرة محجوزة لها دون استفادة كبيرة منها مع وقوعها ضمن مواقع حيوبة تصلح لمشروعات إسكانية، مع التنسيق المستمر بين وزارة الإسكان وبقية الجهات الحكوميَّة وفق مرئيات تخضع لمعايير التطوير الحضري للمدن سيتيح مساحات واسعة تحل جزءًا كبيرًا من مشكلة الأراضي التي تحتاجها الوزارة لمشروعاتها، مع اتِّخاذ بقية الإجراءات التي تعطي حلولاً جيدة كالشراكة مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى إنشاء ضواحٍ سكنية على أطراف بعض المدن، وكذلك توسيع النِّطاق العمراني لبعضها، حتَّى تكون الحلول أكثر فاعلية وسرعة، وتساعد على ضبط سوق العقار وتصحيحه، لكي يكون بوابة استثمارية أكثر فائدة للتنمية الاقتصاديَّة المستهدفة ورفع كفاءة نتائجها.