استهدفت قوات التحالف في حربها على الإرهاب عصب «داعش» المالي؛ لما في ذلك من أهمية قصوى في إضعاف قدرة التنظيم المالية؛ التي اعتمد عليها كثيراً في التجنيد؛ وشراء الأسلحة؛ وذمم العملاء؛ والسيطرة على مفاصل الحياة بتحكمه في منابع النفط المنتشرة بين سوريا والعراق.
أزعم أن أهم مصادر تمويل «داعش» لم يتم القضاء عليها بعد؛ وفي مقدمها التمويل الاستخباراتي المُتدفق من بعض الدول المارقة في المنطقة. فضح التحالف الدولي ضد جماعات الإرهاب؛ مواقف الدول الداعمة للتنظيم؛ وعلى رأسها إيران وتركيا؛ فالأولى أعلنت موقفها المعارض للعمليات العسكرية المباشرة؛ وانتقدت بشدة ضرب التنظيم على الأراضي السورية؛ متجاهلة تواجد ميليشيات حزب الله؛ والحرس الثوري وانخراطهم في قتال الشعب السوري؛ وتسببهم في تقويض الثورة وتدمير المدن والقرى؛ وارتكابهم جرائم حرب بشعة؛ وانتهاجهم سياسة الأرض المحروقة والتطهير العرقي.
أما تركيا؛ فقد ترددت كثيراًَ في الانضمام للتحالف؛ حتى أُرغمت على الدخول فيه.. لم يمنع الضغط الدولي تُركيا من غض الطرف عن الدعم اللوجستي الذي يحظى به التنظيم على أراضيها. هناك اتهامات مباشرة لتركيا «بإقامة علاقات غامضة مع الإرهابيين». تناقض الموقف التركي المعلن من التحالف؛ ودعمها اللوجستي للتنظيم؛ يكشف عن نواياها الحقيقية تجاه الإرهاب الدولي في المنطقة.
لم يكتف التحالف بتعرية الموقفين الإيراني والتركي؛ بل نجح في فضح الطابور الخامس السعودي؛ وبعض أفراد خلايا داعش النائمة الذين أنطقهم الله فكشفوا دون قصد عما تخفيه صدورهم؛ وانتماؤهم (الداعشي) ومخططاتهم القذرة. فمنهم من استهجن علانية مشاركة السعودية في ضرب تنظيم «داعش» بحجة أن ضرب الحوثيين وحزب الله أولى؛ وآخرون روجوا لشائعة استهداف التحالف للتنظيمات الإسلامية المعتدلة والمدنيين تقويضاً للثورة؛ ونشروا صوراً مزورة بقصد إثارة الرأي العام وتجييشه؛ في الوقت الذي آثر فيه الباقون استخدام التورية اللغوية في تغريداتهم المسمومة؛ وإسقاط آيات المنافقين والمشركين على القوات السعودية المشاركة في دحر الإرهاب؛ وهو امتداد لنهجهم الداعم للتنظيمات الإرهابية؛ والمناهض لأمن واستقرار الوطن؛ والرافض لتوجهات الحكومة؛ والمشكك في رؤية القيادة وإستراتيجيتها في حماية الوطن من عبث الإرهاب وجماعاته المنظمة.
تقوم مشاركة القوات الجوية السعودية في العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش» على ثلاثة محاور رئيسة، وهي: صيانة الإسلام وتنقية صورته التي نجح الإرهاب في تشويهها عن قصد وترصد؛ ودعم الشعب السوري لاستعادة أمنه ووحدته؛ ثم مواجهة جماعات الإرهاب التي تهدد أمن واستقرار الوطن؛ واقتصاده؛ ومقدراته؛ وتضر بمصالح المملكة؛ وسمعتها الدولية. فمواجهة تنظيم «داعش» في الخارج لا تعدو أن تكون ضربات استباقية لإضعافه والقضاء عليه؛ وبالتالي إحباط مخططاته داخل المملكة.
ولي العهد؛ نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع؛ صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز؛ أشار بوضوح إلى الهدف الأول حين قال: «وإن مهمتنا الأولى اليوم كمسؤولين ومواطنين أن نتكاتف لتوصيل الصورة الحقيقية للإسلام التي شوهتها قوى الظلام, وعرض ديننا العظيم بخلقه وعلمه وعمله في مواجهة الأفكار الضالة والتفسيرات المنحرفة».
وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل؛ قال في تصريحات صحفية: «نحن شاركنا لأن مصالحنا تتطلب ذلك, وعون للإخوة السوريين في نضالهم وحمايتهم من شر هذه الفئة الضالة, ونأمل إن شاء الله أن هذا العمل يكون بداية لتصدي جاد للإرهاب على المستوى الدولي وليس فقط على مستوى المملكة».
موقف المملكة الثابت تجاه الإرهاب؛ ونصرة الإسلام والمسلمين؛ ودعم أمن واستقرار الدول العربية ثابت ومعروف؛ ومن المؤسف أن نجد المجموعات الخائنة لشعوبها؛ والسواعد المتسببة في إراقة دماء المسلمين وتشويه صورة الإسلام النقية؛ في مقدمة المشككين في أهداف التحرك السعودي؛ والمتباكين على ضرب جماعات التطرف؛ وأدوات الخيانة؛ ومعاول الهدم والدمار.
«داعش» وأخواتها نبتات شيطانية صنعتها بكفاءة الاستخبارات المعادية؛ وغرستها في أرض العرب وسقتها بأفكار التطرف؛ وسواعد الخونة؛ والمتأسلمين؛ لأهداف تخريبية صرفة؛ وأي تهاون في مواجهتها؛ واجتثاث جذورها الداخلية يعني السماح لها بالتمدد والعبث في أمن وأستقرار المملكة ودول المنطقة بشكل عام.