دشن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز؛ المرحلة الأولى لمشروع تأمين الحدود؛ الذي يعتمد التقنية الأمنيَّة الحديثة؛ بديلاً للوسائل التقليدية المعتمدة. منظومة أمنيَّة متكاملة تعتمد الرقابة الإلكترونية الكفؤة القادرة على تحقيق الشمولية الأمنيَّة بدقة متناهية؛ والتجاوب مع الأخطار المتوقعة بكفاءة؛ وتأمين الحدود البريَّة الطويلة بانضباطية لا تسمح بحدوث الأخطاء. اضطراب الدول المحيطة بالمملكة؛ وارتفاع معدلات الخطر فيها؛ إضافة إلى عدم قدرتها على ضبط حدودها؛ زاد من قيمة المشروع الحالي؛ وأكسبه بعدًا أمنيًّا استثنائيًّا؛ يعكس حجم التخطيط الإستراتيجي الذي قامت به وزارة الداخليَّة خلال السنوات الخمس الماضية؛ لتأمين الحدود الطويلة من خلال شبكة إلكترونية ومنظومة دعم متكاملة؛ تحسبًا للمتغيِّرات الأمنيَّة المتوقعة؛ وهو أمر يحسب للقائمين عليها؛ وعلى رأسهم سمو الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز؛ وزير الداخليَّة. تطورت الوسائل الأمنيَّة عالميًّا، وأصبحت تعتمد بشكل رئيس على التقنية القادرة على تحقيق الكفاءة القصوى، وتقليص الأخطاء. وتحقيق الأمن الشامل بأعداد بشرية محدودة؛ وكلفة أقل بات متاحًا مع وجود التقنيات الحديثة التي تجمع بين الكفاءة؛ والشمولية؛ والانضباطية؛ والمساندة البشرية العاجلة في تناغم لا يمكن تحقيقه وفق الطرق التقليدية المعتادة. السيطرة على الحدود الطويلة في حاجة دائمة إلى شبكات تقنية قادرة على تغطية مساحات شاسعة من الكيلومترات في وقت واحد؛ وهو ما لا يتاح للعناصر البشرية التي تعتمد الحركة الدائمة لتأمين الحدود؛ ما يسمح بوجود الفراغات الأمنيَّة التي يمكن استخدامها من قبل المتسللين أو المهربين. توفر المنظومة الأمنيَّة الإلكترونية قدرات رقابية غير محدودة؛ وقنوات متابعة عن بعد؛ من خلال مركز العمليات الرئيس؛ والمراكز المساندة؛ وهذا يسهم في فصل العمليات الرقابية؛ عن التنفيذية الميدانية؛ ويسهم في فصل الصلاحيات وتعددها في آن؛ ويساعد على تحويل إثبات الواقعة والتعامل معها من الحالة البشرية التقليدية إلى الإلكترونية وبذلك تتحقق الفاعلية؛ والكفاءة؛ والنزاهة؛ وسرعة التجاوب والتوثيق الإلكتروني. حدود المملكة الشماليَّة والجنوبية؛ في أمس الحاجة إلى منظومة الحماية الإلكترونية؛ التي تحقق الأمن والسلامة للجميع؛ وتنأى بأراضينا عن مفاجأة المهربين والمتسللين؛ وجماعات الإرهاب التي باتتتنتشر بشكل مكثف في العراق واليمن؛ إلا أن تغطية الحدود الحمائية يفترض أن تمتد إلى عمق الدول المجاورة وبما يسمح برصد التحركات البشرية والعسكرية والإرهابيَّة في تلك الأراضي وقبل وصولها الحدود بمسافة كافية. وهو أمر مطبق في الدول التي ترتبط حدودها بدول غير مستقرة أمنيًّا، بل إن بعض تلك الدول تفرض على الدول المجاورة لها؛ شريطًا حدوديًّا يحرُم على كائن من كان؛ الاقتراب منه؛ ويُعدُّ من المناطق المحظورة التي تستوجب التعامل العسكري السريع مع من يخترقه.
من جانب آخر؛ فالمنظومة الإلكترونية في حاجة إلى دعم جوي من قبل الطائرات المتخصصة في التعامل مع التحركات البشرية المشبوهة؛ وبخاصة الجماعات الإرهابيَّة التي يمكن التعامل معها بسهولة في أرض الخصم؛ في الوقت الذي تصبح مواجهتها؛ حين اقتحامها المدن الحدودية؛ واحتمائها بالمدنيين؛ غاية في الصعوبة.
توفر فرق المساندة الجويَّة المتخصصة المرتبطة بالشبكة الإلكترونية دعمًا للفرق الأرضية التي قد لا تتمكن من المواجهة السريعة حين الاختراق؛ كما أنها لا تستطيع التغلغل في الأراضي المجاورة لأسباب أمنيَّة قانونية؛ ما يضطرها للمواجهة على أراضيها. المساندة الجويَّة النوعية ترفع من كفاءة الحماية؛ وفاعليتها؛ وتوفر للحدود استقرارًا دائمًا؛ وسورًا افتراضيًا لا يمكن تجاوزه؛ وتعطي القيادة قدرة على التعامل مع الأخطار في الأراضي المجاورة وقبل اجتيازها الحدود. شبكات الحماية الإلكترونية، والبرامج الأمنيَّة والحواسيب الذكية هي القادرة على إدارة العمليات الأمنيَّة المعقدة بكفاءة وبأقل الخسائر؛ نيابة عن العناصر البشرية التي أصبحت موجهة نحو تنفيذ العمليات الميدانية، كملاحقة المتسللين والمهربين وجماعات الإرهاب وتوقيفهم والتعامل معهم. الاستثمار في التقنية الأمنيَّة لا يتوقف عند مرحلة «الحدود الذكية»؛ بل يتعداها إلى تقنيات أخرى أكثر تعقيدًا؛ ومنها تقنيات الحرب الإلكترونية؛ والأسلحة الذكية؛ والبحث، والمراقبة، والاعتراض والقدرة على تتبع الشبكات الإلكترونية، والسيطرة على شبكات المدفوعات والحوالات المالية، وكلها تحتاج إلى حواسيب ذكية وعقول محترفة لتحقيق الكفاءة والنجاح. نحن في عصر التقنية بأنواعها المختلفة، وبخاصة التقنيات الأمنيَّة الحديثة. الاستثمار في الأنظمة الأمنيَّة التقنية؛ توفر بإذن الله الحماية الكافية لضمان أمن واستقرار الوطن وحدوده؛ وتوفر الحماية اللازمة للاقتصاد؛ الذي لا يمكن أن ينمو ويزدهر في بيئة مضطربة تحفها المخاطر من كل جانب.